نابلس-المحرر-رهف جيتاوي- في محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية، لا يُقاس الزمن بالدراسة والفصول الدراسية، بل بعدد الاقتحامات الليلية، وعدد الأيام التي تُغلق فيها المدارس خوفًا من الرصاص أو القصف فالعدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من شهرين لم يكتفِ بتمزيق البنية التحتية للمدينة، بل طال أيضًا حلم الطلبة في تعليم آمن ومستقر.
تعليم تحت النار
شهدت المدينة ومخيماتها خاصة نور شمس وطولكرم، اقتحامات متكررة خلّفت دمارًا في الشوارع والمدارس والبنية التحتية.
وأوضح الأستاذ مازن جرار مدير تربية طولكرم أن “الاعتداءات الإسرائيلية لم تستثنِ أي جانب من جوانب الحياة، بما في ذلك المدارس، التي تُغلق أحيانًا لأيام بسبب الأوضاع الأمنية، وتُلغى فيها الحصص دون سابق إنذار”.
منارات مغلقة وذاكرة الحرب
حتى اليوم، هناك عشرات المدارس التي تعرّضت لأضرار مباشرة وبعضها تحوّل إلى ملاجئ للنازحين.
وأفاد فيصل سلامة أحد المسؤولين التربويين في المدينة أن “الطلبة باتوا يتنقّلون بين أماكن النزوح المؤقت والمدارس التي تعمل بنظام الطوارئ في محاولة لضمان استمرار التعليم ولو بشكل جزئي”.
أقلام في الخيام وذاكرة الخوف
في ظل هذا العدوان نزحت مئات العائلات من مخيم نور شمس وحيْ الحي الغربي نحو قرى مثل رامين وبلعا وعنبتا، أو إلى مراكز إيواء مؤقتة.
الأطفال هناك يعيشون واقعًا جديدًا بلا مقاعد دراسية، ولا كتب، ولا بيئة تعليمية مناسبة.
تضطر بعض العائلات لاستخدام غرف صغيرة تضم أكثر من عشرة أفراد، ما يعيق أي محاولة للتركيز أو الدراسة.
استنزاف وأمل لا يموت
رغم الانقطاع المتكرر يحاول المعلمون والهيئات التدريسية الحفاظ على التواصل مع الطلبة من خلال وسائل بديلة، لكن وفق الأستاذ مازن جرار “ضعف الإنترنت والانقطاعات المستمرة للكهرباء يجعل التعليم الإلكتروني غير فعّال، وخاصة في المناطق الريفية والنازحين”.
تضامن محدود في ظل العجز
تحاول بعض الجمعيات الأهلية والمؤسسات التعليمية توفير الدعم النفسي والتعليمي للطلبة، ولكن حجم الدمار والعجز المالي يعيق التقدّم. يشير فيصل سلامة إلى أن “الجهود المجتمعية مشكورة، لكنها تبقى غير كافية مقارنة بحجم المأساة، وهناك حاجة ماسّة لتدخل حكومي ودولي أكثر فاعلية”.
ما بين الخوف من صوت الرصاص، والحنين لجرس المدرسة، يقف طلاب طولكرم على مفترق الطرق: بين البقاء في عالم النزوح، أو العودة إلى صفوفهم التي باتت حلمًا مؤجلًا.
وبرغم كل شيء، يبقى الأمل في قلوبهم، بأن تنتهي هذه الغمّة، ويعودوا حاملين حقائبهم لا ذكريات الحرب.
أرقام وحقائق:
- أكثر من 15 مدرسة أُغلقت كليًا أو جزئيًا في طولكرم منذ بداية العدوان.
- نحو 3000 طالب/ة تأثرت دراستهم بشكل مباشر.
- تم تسجيل تراجع واضح في التحصيل الأكاديمي، خاصة لطلبة الثانوية العامة.
- العديد من المدارس تعاني من نقص في المستلزمات الأساسية، مثل المقاعد والكتب والقرطاسية.