نابلس –المحرر-نانسي نجوم وعلي زواهرة– وسعت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على الضفة الغربية، إذ شنّت فجر اليوم الأربعاء عملية عسكرية واسعة النطاق على مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، في إطار سياسة تصعيد ممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني.
الاقتحام بدأ منذ الساعة الواحدة فجرًا، وسط إنزال عسكري كثيف، شمل تعزيزات كبيرة من الجنود والآليات المدرعة، تخللته مداهمات همجية لعشرات المنازل، واعتقالات طالت عددًا من المواطنين، أُفرج عن بعضهم لاحقًا بعد تحقيقات ميدانية، فيما لا يزال آخرون رهن الاحتجاز.
كما عمد جنود الاحتلال إلى إخلاء عدة مبانٍ سكنية بالقوة، ما أثار حالة من الذعر بين الأهالي، وخاصة النساء والأطفال. المخيم شهد مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي توغلت في أزقته، وسط انتشار مكثف للوحدات الخاصة داخل الأحياء السكنية.
دمار واسع واعتداءات همجية
الصحفي أمين أبو وردة وصف الاقتحام بأنه “الأعنف والأطول منذ سنوات”، مؤكدًا في تصريحات لـ”المحرر” أن قوات الاحتلال عاثت خرابًا داخل منازل المواطنين، من بينها منزل الزميل الصحفي جمال ريان، الذي تعرّض للتخريب المتعمد، بما في ذلك معدات التصوير والكاميرات.
وسُجلت إصابات عديدة، بينها إصابتان بالرصاص الحي، وأخرى بالمطاط، بالإضافة إلى إصابة فتى بعد اعتداء مباشر من جنود الاحتلال. كما وثّقت حالات تنكيل واعتداء جسدي على عدد من الشبان خلال عمليات المداهمة.
اقتحام مختلف في طبيعته وشدته
رئيس اللجنة الشعبية في مخيم بلاطة، عماد الطيراوي، أكد لـ”المحرر” أن هذا الاقتحام يختلف كليًا عن سابقاته، سواء في عدد القوات المشاركة أو طبيعة التفتيش التي شملت تحقيقات ميدانية داخل بعض المنازل، حيث تم تفتيش كل شيء بدقة، من الهواتف المحمولة وحتى ألعاب الأطفال!
وأشار الطيراوي إلى أن قوات الاحتلال منعت الحركة بشكل كامل داخل بعض الحارات، وفرضت حظر تجوال صارم، حتى أن وجود علم فلسطين أو صورة شهيد أو أسير داخل المنازل يُقابل بتخريب همجي وتكسير متعمد.
وأوضح أن هذه الحملة ليست كسابقاتها التي كانت تنفذها وحدات خاصة بسرعة وتغادر، بل أعلن الاحتلال مسبقًا أن العملية قد تمتد لأكثر من 24 ساعة وفقًا لـ”الحاجة الأمنية”.
معاناة إنسانية متصاعدة
الوضع الإنساني داخل المخيم يزداد سوءًا، خاصة مع منع المرضى من مغادرة المخيم لتلقي العلاج، بينهم مرضى الكلى والسرطان والربو. وقال الطيراوي إن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الدخول إلا بصعوبة شديدة وبعد تنسيق مع الاحتلال، مشيرًا إلى حالة مريضة تأخرت أكثر من 6 ساعات للوصول إلى مستشفى النجاح، في حين تم حجز بعض مرضى الربو في غرف ضيقة تفتقر للتهوية.
سياق عدواني أوسع
ويأتي هذا الاقتحام الدموي في سياق تصعيد مستمر تشهده الضفة الغربية، حيث كثف الاحتلال من عملياته منذ بداية العام، وخصوصًا بعد اندلاع الحرب على غزة. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى استشهاد أكثر من 947 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 7 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال ما يزيد عن 15,800 مواطن منذ 21 يناير/كانون الثاني.