الرئيسيةتقاريرعلى خط النار

على خط النار

نابلس-المحرر-بيان دراغمة- “لاحقني الاحتلال بجرافة الدي ناين وجرافة العجل، واستهدفني عدة مرات، تسعة أيام من الاقتحام عشتها بعيدا عن بيتي وأطفالي، لإيماني المطلق بعدالة القضية وإيصال صوت الشعب للعالم أجمع”، بكلماته الشجاعة يحدثنا الصحفي  أنس حوشية، عن مسيرته الصحفية في ظل العدوان المتواصل على مدينة جنين ومخيمها.

أنس حوشية خريج قسم اللغة العربية والإعلام من الجامعة العربية الأمريكية في جنين، بعد عمله كصحفي حر لخمس سنوات في الميدان، استطاع أن يثبت موهبته ليُعين بعدها مراسلاً لقناة “عودة” بمحافظة جنين، واستلام منطقة شمال الضفة الغربية نظراً لتصاعد الاعتداءات والانتهاكات فيها .

إصراره على النجاح ووفائه للقضية دفعه للاستمرارية، يوضح حوشية تفاصيل التحاقه بعمله الحالي، بعد أن بدأ رحلته بتغذية معلموماته الصحفية بالدورات، بعدها التحق بدورة في مفوضية الإعلام والتعبئة، ليصله طلب توظيف من فضائية “عودة” لتكون هذه نقطة انطلاقه للعمل فيها.

حوشية الذي حول حلمه لخطوات فعلية بإصرار يرادفه السعي، والعزيمة التي لا تهزم حدثنا عن تغطياته الأولى للوقفات التي كان لها دور كبير في مسيرته المهنية، ومنها تغطية الوقفات الداعمة للرئيس محمود عباس والتجهيزات لانطلاق الانتخابات التشريعية وتغطية استشهاد العساكر في جهاز الاستخبارات العسكرية في جنين تيسير العيسة وأدهم عليوي.

قلم وأدوات تصوير، تلك هي زوادة الصحفي التي أصبحت  لاتحميه من قناصة الاحتلال وبطشه، يقول حوشية: ” الخطر يرافقنا دائماً أثناء التغطية، والنقطة الأصعب هي ملازمة المواطنين لنا في أماكن الحدث، ويتم استهدافنا بالرصاص الحي بشكل مباشر وقنابل الغاز والصوت، وملاحقتنا وهذا ما شاهدناه في قرية كفر ذان قبل شهرين عندما أصيب زميلنا مدير ومصور وكالة وفا محمد منصور”.

في ظل الهتافات العالية التي تنادي بحرية التعبير والإعلام في كل دول، تواجه الصحافة الفلسطينية التقييدات والاعتداءات المتكررة، ما يؤثر على نقل صوة الحقيقة من قلب المعاناة، حوشية عاش هذه اللحظات الصعبة بعد مطاردته من قبل جرافات الاحتلال الديناين والعجل، واستهدافه بالرصاص الحي في قرية صير جنوب جنين هو زملاءه.

وعلى الرغم من كل العقبات، يواصل الصحفيون الفلسطينيون تحمل هذه المخاطر، لتأدية واجبهم المهني والوطني كحراس للحقيقة وخط الدفاع الأول عن العدالة، يقول حوشية: ” عدوان العشرة أيام كانت أخطر تجربة تعرضنا لها في الميدان، أخذت قراراً بعد تسعة أيام من الاقتحام في ظل غيابي عن بيتي وأطفالي، بالانسحاب ليوم واحد وبعدها العودة للتغطية، ولكن انتهى العدوان بنفس اليوم ما سمح لي بلقاء عائلتي والاستمرار في ممارسة العمل، ونحن سنظل دوما في الميدان”.

خوذة ودرع في مواجهة دبابات وصواريخ الاحتلال، قواعد السلامة المهنية أصحبت شبه مستحيلة فهل ستنقذ هذه الأدوات البسيطة صاحبها من همجية الاحتلال، يؤكد حوشية صعوبة إيجاد أماكن آمنة خلال تغطية المواجهات ويقول:” نلجأ للأماكن الآمنة في المناطق المستهدفة وأحياناً نحتمي خلف المركبات أو داخل المستشفيات والمباني وحتى منازل المواطنين”.

قتل واعتقال وقمع للصحفيين الفلسطينيين، وتدمير لمؤسساتهم الإعلامية، هذه هي بيئة العمل المحاصرة التي يقاسيها الصحفي الذي أصبح في دائرة الملاحقة والاستهداف بهدف تكميم الأفواه ومنع صوت الحقيقة بأن يصدح للعلن، ورغم ذلك يؤكد حوشية استمرارهم في نقل الصورة والصوت وهذه هي الشهادة الحية على شجاعة الصحفي الفلسطيني، وصوته الذي يصر على البقاء.

 هي لحظات لا تنسى وثقها حوشية بعينه وقلمه ليفضح جرائم الاحتلال على مسمع ومرأى العالم، وعلى خط النار يحاول الصحفي الفلسطيني أن ينقل الحقيقة من قلب الحدث والموت يحيطه من كل اتجاه.