الرئيسيةتقاريرنابلس..أسواق خالية وسط غلاء فاحش وجيوب فارغة

نابلس..أسواق خالية وسط غلاء فاحش وجيوب فارغة

نابلس-المحرر-سارة بهلول- يعمل الستيني محمد مخلوف بائعاً على عربة متنقلة في مدينة نابلس، لكنه لم يعد قادراً على توفير احتياجات أسرته بسبب تراجع مبيعاته من جهة، وفي ظل غلاء المعيشة الآخذ في الازدياد يومياً بعد يوم.

يقول مخلوف”إن الغلاء الفاحش يسود جميع أنحاء البلاد وأصبح يطال معظم السلع”، متمنياً من الجميع مراعاة ظروف ذوي الدخل المحدود، مشيراً إلى أن المصاريف كثيرة ولم تعد الأسر من ذوي الدخل المحدود قادرة على تلبية اجتياجاتها بسبب الغلاء وفي ظل تراجع مستويات الأفراد بسبب تداعيات الحرب الاسرائيليية على قطاع غزة والضفة الغربية.

وينوه إلى أن التجار يتحكمون بالأسعار، وهناك بعض البضائع خاصة الزراعية يتأخر عرضها في الأسواق، وحينما يتم البيع تكون الأسعار مرتفعة.

وتعاني مدينة نابلس التي تعد العاصمة الاقتصادية لمنطقة شمال الضفة الغربية من كساد حاد بسبب ضعف السيولة النقدية لدى الأفراد، وفي ظل ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

يقول المواطن عبد الحي بالي “في الواقع غلاء المعيشة يؤثر على حياة مختلف الأفراد”، مشيراً إلى أن الغلاء الذي يضرب فلسطين له أسبابه العالمية إذ أن التضخم ظاهرة تشمل كل دول العالم، لكنها تأخذ بعداً أعمق في فلسطين بسبب حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة والعدوان الواسع على محافظات الضفة الغربية.

ولكن في الوقت نفسه، يطالب بالي بضرورة التأقلم  مع هذه الظروف والصبر وتكاتف الجهود للتغلب على هذه االمرحلة الصعبة.

أما التاجر يحيى مخلوف، فيؤكد أن الأسعار مرتفعة من المصدر وليس من قبل تجار التجزئة، مبيناً أن الحركة التجارية ضعيفة للغاية، فالوضع الاقتصادي العام سيء، لافتاً إلى أن الأفراد لا يمتلكون سيولة نقدية بسبب ظروف الحرب وتداعياتها.

يقول  فواز دويكات صاحب محل تجاري في مدينة نابلس إن سبب ارتفاع الأسعار في معظم البضائع هو نقص المعروض بسبب صعوبات في التوريد، ولأن الاحتلال في ظل حربه يسحب البضائع من الأسواق لصالح خدمة جيشه.

وفي مؤشر حول تراجع دخول الأفراد وصعوبة الوضع الاقتصادي، يشير دويكات إلى أن الزبون أصبح يشتري كميات قليلة من السلع، فمثلا كان يشتري زيون  2 كيلو غرام من سلعة معينة، أصبح يشتري فقط نصف كيلو غرام، نتيجة تراجع السيولة النقدية للأفراد.

بدوره، يقول هيثم دبوس صاحب محل تجاري ” تأثر الوضع الاقتصادي بالحرب بشكل كبير، فأصحاب المحال لم يعودوا  قادرين على توفير مصاريفهم التشغيلية، فسواء فتحت المحال أم لا فالأمر سيان، كونه لا يوجد إقبال من المشترين بسبب تراجع وضعهم الاقتصادي”، مشيراً إلى أن الأوضاع الأمنية السائدة ومحاصرة مدينة نابلس تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي.

وحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء فقد سجل مؤشر غلاء المعيشة خلال العام 2024 ارتفاعاً حاداً في فلسطين مقارنة بالعام 2023، مدفوعاً بمستويات أسعار لم تشهدها أسواق قطاع غزة من قبل، نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من اكتوبر 2023، حيث ارتفعت الأسعار للسلع الاستهلاكية، بواقع 237.98% في قطاع غزة، وبنسبة 3.84% في القدس وبنسبة 2.48% في الضفة الغربية.

وبلغت نسبة غلاء المعيشة منذ العام 1996 وحتى العام 2024 حوالي 248%، أي بزيادة مقدارها 2,475 شيقلاً لكل 1,000 شيقل من الأجر الشهري، وإذا ما حسبت منذ العام 2004 فقد بلغت حوالي 146%، أي بزيادة مقدارها 1,462 شيقلاً لكل 1,000 شيقل من الأجر الشهري، فيما تجدر الإشارة إلى أن نسبة التآكل في الدخل قد بلغت حوالي 124% منذ العام 2008 وحتى 2024 بسبب ارتفاعات الأسعار المتتالية خلال السنوات الماضية.

يقول الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي أيهم أبوغوش أن الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها في فلسطين هي الأسوأ منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994، نتيجة إجراءات الاحتلال الرامية لخنق الاقتصاد الفلسطيني بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.

ويشير إلى أن الاحتلال لجأ إلى عدة أساليب لإفقار الفلسطينيين منها احتجاز أموال المقاصة التي تشكل 68% من ايرادات السلطة الوطنية، ما حال دون صرف رواتب كاملة لموظفي القطاع العام، بالإضافة إلى منع حوالي 200 ألف فلسطيني من التوجه إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر، الأمر الذي أفقد السوق الفلسطينية من سيولة نقدية تقدر بنحو1.5 مليار شيقل شهرياً ورفع نسبة البطالة في الضفة من نحو 14 % إلى أكثر من 35%، وكذلك منع فلسطينيي الداخل من التوجه إلى أسواق الضفة، وفرض الحواجز والإغلاقات وتقطيع اواصر المناطق الفلسطينية واجتياج المدن والبلدات والمخيمات وتخريب البنية التحية، ما أدى إلى انكماش اقتصادي غير مسبوق وصل إلى نحو 19% في الضفة.

وبين أبوغوش أن القاعدة الاقتصادية الطبيعية تتمثل في أنه في حالة تراجع مستويات دخل الأفراد وقلة الطلب يفترض أن يدفع الأسعار هبوطاً، لكن ذلك لم يحصل لأسباب مختلفة منها اعتماد السوق الفلسطينية على البضائع والسلع المستوردة من الخارج ومن اسرائيل، لذلك فإن التضخم يُعد مستورداً، بالإضافة إلى  تسريب بضائع إلى السوق الاسرائيلية من الضفة في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، وكذلك وجود صعوبات في التوريد، بالإضافة إلى وجود تجار يمارسون عمليات احتكار ويتحكمون بأسعار السلع.