الرئيسيةتقاريرأحلام محاصرة.. طلبة غزة بين المنح والحدود المغلقة

أحلام محاصرة.. طلبة غزة بين المنح والحدود المغلقة

غزة-المحرر- مروة بربار- وسط الحروب والحصار، لم تتوقف طموحات شباب غزة عن التحليق. عشرات الطلبة حصلوا على منح دراسية مرموقة في جامعات دولية، بعد سنوات من الاجتهاد والتفوق. ولكن، الاحتلال الإسرائيلي كعادته، قرر أن يحاصر ليس فقط الجغرافيا، بل المستقبل أيضاً. فأغلق المعابر، ومنع سفر هؤلاء الطلبة، وتركهم يواجهون واقعًا قاتمًا بين ضياع الفرصة وتحطم الحلم.

تقول شهد الصفدي (19 عامًا)، وهي طالبة حاصلة على منحة لدراسة الطب في تركيا”وصلني القبول بعد أشهر من الانتظار، وكل أوراقي كانت جاهزة، حتى التذكرة… لكن معبر رفح لم يُفتح، وكل يوم أنتظر فيه يعني أن مستقبلي ينهار قطعة قطعة”.

مثل شهد ، هناك أكثر من (70 طالبًا وطالبة) حصلوا على منح دراسية في دول عدة، أبرزها ألمانيا، تركيا، وماليزيا. ورغم قبولهم في الجامعات، وحصولهم على تأشيرات الدخول، إلا أن الإغلاق المستمر لمعبر رفح ، حطم أحلامهم.

نريمان دغمش   (21 عامًا) حصلت على منحة كاملة لدراسة هندسة البرمجيات في ألمانيا، يقول بحرقة:”أنا من مخيم الشاطئ، حلمت أغير واقعي، أتعلم برّا، وأرجع أرفع اسم بلدي… اليوم، كل شي ضاع، والجامعة ما قدرت تأجل قبولي للمرة الثالثة”.

خبراء نفسيون في غزة حذروا من الانعكاسات السلبية لهذه الأوضاع، إذ يمر الطلاب المحرومون من السفر باضطرابات نفسية حادة تشمل القلق، الاكتئاب، وفقدان الدافع.

الدكتورة منى عبد العال، أخصائية نفسية في غزة، تقول:  “فقدان الفرصة بعد كل هذا الجهد يولد صدمة نفسية عند الشباب، وبعضهم يتجه للعزلة التامة أو حتى التفكير في الهجرة بأي ثمن”.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن استهداف جيش الاحتلال المنهجي وواسع النطاق للجامعات والأعيان الثقافية يقضي على آخر مظاهر الحياة في قطاع غزة، في جانب آخر من تكريس جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها منذ السابع من تشرين الأول 2023.

وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة أدت إلى تعطيل كامل للعملية التعليمية في كافة الجامعات والكليات الجامعية والمجتمعية، إلا أن التداعيات الوخيمة لم تتوقف عند ذلك. إذ أن ثلاثة من رؤساء الجامعات قتلوا في غارات إسرائيلية إلى جانب أكثر من (95) من عمداء وأساتذة الجامعات، من بينهم (68) شخصية تحمل درجة البروفيسور، في وقت تم حرمان (88) ألف طالبة وطالب من مواصلة تلقي تعليمهم الجامعي، وتعذر على (555) طالب وطالبة الالتحاق بالمنح الدراسية في الخارج.

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن (5) من أصل (6) جامعات في قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي بفعل عمليات الاستهداف الإسرائيلي، منها (3) تم تدميرها بشكل كامل، بحسب نتائج الإحصاء الأولى لحدة التدمير الإسرائيلي المستمر في القطاع.

وأفاد الأورومتوسطي بأنه في السادس من شباط الماضي استهدف الجيش الإسرائيلي جامعة “الأقصى” في مدينة غزة بغارات جوية، ما ألحق بها دمار ًا بالغًا، تضمن تدمير مبنيين كليًّا وخسائر جزئية متفرقة بعد اقتحام مقر الجامعة بريًّا.

وفي الوقت الذي تحتفل فيه جامعات العالم بالعام الأكاديمي ، يبقى عشرات الطلبة الغزّيين خلف الجدران المغلقة، يحلمون فقط بفرصة عادلة للحياة.

قضيتهم اليوم ليست فقط تعليمية، بل إنسانية… فهل يسمعهم أحد؟ وهل يتحرّك العالم لإنقاذ مستقبلهم من براثن حرب تحرق الأخضر واليابس وتهدد مستقبلهم؟