رام الله-المحرر-تهاني ناصر-من قرية دير قديس غرب رام الله، انطلقت رحلة أكاديمية حافلة قادها الدكتور عبد القادر اسطيح، ليصبح واحداً من أبرز الباحثين في التاريخ العثماني، ومؤلفاً لعدة كتب تركت بصمتها في الذاكرة الفلسطينية.
ولد الدكتور عبد القادر اسطيح قبل خمسين عاماً في قرية دير قديس، وبدأ مسيرته العلمية بتفوق ملحوظ، حيث حصل على معدل 93.3% في الثانوية العامة، وكان الثاني على مستوى مديرية رام الله. هذا التفوق أهّله للالتحاق بجامعة القدس في أبو ديس لدراسة الدراسات الإسلامية، وتخرج فيها الأول على دفعته.
في عام 2003، بدأ دراسة الماجستير في التاريخ في جامعة بيرزيت، وتخرج عام 2006. لم تكن رحلته الأكاديمية سهلة؛ إذ حاول التقدم لمنحة دراسية في تركيا عام 2010، ولم يوفق، لكنه لم يستسلم، وأعاد المحاولة عام 2011 ليُقبل في جامعة مرمرة، حيث تخصص في التاريخ العثماني ونال درجة الدكتوراه عام 2016.
امتدت خبرته العملية إلى سلك التعليم، إذ عمل مدرساً لمدة (11) عاماً في مدرسة الاتحاد بقرية رأس كركر، قبل أن يشغل مناصب إدارية كمدير لعدد من المدارس، منها مدارس أريحا، عين يبرود، بلعين، بيتيلو، والمديا. وخلال وجوده في تركيا، عمل في الأرشيف العثماني لأربع سنوات، ما عزز مهاراته البحثية وعمّق معارفه التاريخية.
في أكتوبر 2017، تم تعيينه مسؤولاً في المركز الثقافي التركي في رام الله، حيث ساهم في ربط الثقافة الفلسطينية بنظيرتها التركية، وتعزيز حضور التاريخ المشترك بين الشعبين.
ألف الدكتور عبد القادر عدة كتب، منها “ثورة نقيب الأشراف” الذي صدر في القاهرة عام 2010، و”القدس العثمانية”، و”دير قديس” الذي طُبع منه 1000 نسخة عام 2020، و”أطلس تاريخ فلسطين” عام 2021، بالإضافة إلى تحريره لكتاب “فلسطين في العهد العثماني”، ويعمل حالياً على إنجاز كتابه السادس.
يُتقن الدكتور عبد القادر أربع لغات: العربية، والإنجليزية، والتركية، والعثمانية، ما أتاح له الاطلاع على مصادر متعددة، وتوظيفها في أبحاثه بدقة وعمق.
تشكل مسيرة الدكتور عبد القادر اسطيح نموذجاً للباحث الفلسطيني الذي يجمع بين الجهد الأكاديمي والعمل الميداني، حيث استطاع أن يوثق جزءاً مهماً من التاريخ المحلي والعثماني، ويضع بصمته في مجالات التعليم والثقافة والبحث العلمي، انطلاقاً من قرية صغيرة، ووصولاً إلى ميادين العلم الواسعة .