جنين المحرر-نور الأقطش-يلاحق جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين المهجرين من المدن التي بتنا نطلق عليها اليوم “أراضي عام 48” حتى وهم لاجئون في “مخيمات العودة”، مواصلاً عمليات التطهير العرقي والطرد والقتل التي بدأها قبل 75 عاماً.
صعّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من عمليات قتل الفلسطينيين هذا العام، فأرتقى 50 شهيداً منذ بداية العام 2023 وحتى منتصف شهر شباط/ فبراير، من بينهم 10 أطفال وسيدة مسنة، ومن بين شهداء أيضاً، 22 شهيداً من مخيمات: الدهيشة وبلاطة وقلنديا وشعفاط وجنين وعقبة جبر والفوار والفارعة.
مخيم جنين.. مجزرة جديدة
أقيم مخيم جنين؛ بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” بعد النكبة بخمسة أعوام على أراضٍ تقع ضمن حدود بلدية جنين تقل مساحتها عن النصف كيلومتر مربع، ويجمع المهجرين قسراً من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، غير البعيدة عن مكان المخيم.
شهدت أزقة المخيم الضيقة على صباح يوم الخميس 26/1/2023 على مجزرة إسرائيلية ارتقى فيها 9 شهداء فلسطينيين، أكبرهم عمراً الشهيدة ماجدة عبد الفتاح محمود عبيد ذات الـ60 عاماً، والتي أعدمها قناص إسرائيلي برصاصتين في الرأس والرقبة وارتقت غير بعيدة عن سجادة صلاتها ومصحفها المفتوح. أمام أصغر شهداء “مجزرة الخميس” فهو الفتى عبد الله مروان الغول (18 عاماً) الذي ارتقى جراء إصابته برصاص الاحتلال الحي في الصدر.
يشهد المخيم أيضاً، على مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، حين اقتحمت المدينة والمخيم في نيسان من العام 2002 وأعلنتهما منطقة عسكرية مغلقة وفرضت حظراً للتجول، وقتلت ما لا يقل عن 52 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين -بحسب الأونروا- على مدار 10 أيام، ومنعت خلالها سيارات الإسعاف والعاملين في القطاع الطبي والإنساني من دخول المخيم، وفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
مخيم عقبة جبر.. اعتقال الشهداء
10 أيام من المجزرة مخيم جنين، ارتكبت قوات جيش الاحتلال مجزرة أخرى في مخيم عقبة جبر بمحافظة أريحا والأغوار، تحديداً يوم الإثنين 6/2/2023، حيث أعدمت 5 شبان بالرصاص “واعتقلت” جثامينهم، إضافة إلى اعتقالها لشابين مصابين بجراح خطيرة، أحدهم يرقد لليوم في العناية المكثفة بإحدى مشافي الاحتلال.
مخيم عقبة جبر، وفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، أقيم في سنة النكبة (1948) على بعد 3 كيلومترات إلى الجنوب الغربي من أريحا، وضم قبل نكسة 1967 نحو 30 ألف لاجئ ينحدرون من قرابة 300 قرية مهجرة بشمال حيفا، بالإضافة إلى مناطق غزة والخليل، ولكن عقب “نكسة العرب” واحتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية ولليوم يجمع المخيم لاجئين من 22 قرية بما فيها: دير الدنام، عجور، المسمية، العباسية، بيت جبرين، تل الصافي، بيت دجن، يازو، كفر عنا.
شهداء مجزرة مخيم عقبة جبر جميعهم في العشرينيات من العمر، من بينهم شقيقان رأفت وإبراهيم وائل عويضات (21 و27 عاماً)، إضافة لمالك عوني لافي (22 عاماً) وأدهم مجدي عويضات (22 عاماً) وثائر عويضات (28 عاماً) وجميعهم اعتقلهم الاحتلال وأبلغ عن ارتقائهم.
بدورها، طالبت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، باسم أهالي الشبان والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية، سلطات الاحتلال “بكشف معلومات وتمكين ممثلين من عائلات الضحايا من الالتقاء بهم، ومعاينة جثامين من أعلن عن استشهادهم”.
وأشارت الحملة، إلى احتجاز سلطات الاحتلال منذ أكتوبر 2015 جثامين 122 مختفياً فلسطينياً (وصل العدد بتاريخ 15/2/2023 إلى 130 شهيداً)، أعلنت عن استشهادهم رغم القبض على بعضهم أحياء وآخرين مصابين، ورفضت تقديم تقارير عن مصائرهم، أو تمكين عائلاتهم من معاينتهم، بالإضافة إلى 256 شهيداً تحتجزهم في ما تسمى “مقابر الأرقام”.
لا تقف مخيمات اللجوء اليوم صامدة بوجه آلة القتل الإسرائيلية فقط، ولكنها تنسج من دماء شهدائها قصصاً عن عودة حتمية، من مخيم جنين إلى حيفا وجبال الكرمل، ومن مخيم عقبة جبر إلى 22 قرية فلسطينية ستبعث مجدداً من تحت ظلام الاحتلال، ومن 19 مخيماً في الضفة و8 مخيمات في غزة و10 مخيمات في الأردن و12 مخيماً في لبنان ومثلها في سوريا، إلى الأراضي التي هجروا بها إن لم يكن بقوة الحق، فبقوة “القانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة”.