رام الله-المحرر-تعرض للإصابة في كلتا ساقيه برصاص الاحتلال المتفجر، ما أدى إلى بتر اليسرى بعد أن عجز الأطباء عن إنقاذها بسبب تهتكها بفعل قوة تأثير الرصاص، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة حياته بإصرار وتحد، وينسج قصة نجاح متحدياً كل الظروف.
بدأت قصة الصحافي الجريح يوسف إياد الكرنز (24) عاماً من غزة حينما ذهب إلى تغطية مسيرات العودة الكبرى بقطاع غزة بتاريخ 30/03/2018 تزامناً مع ذكرى يوم الأرض، وكاد يفقد حياته بسبب هذه الإصابة التي أدت إلى بتر ساقه اليسرى، بينما تمكن الأطباء من إنقاذ ساقه اليمنى بعد نقله من غزة للعلاج في مستشفيات الضفة، نتيجة سوء الوضع الصحي في القطاع وعدم نجاح الأطباء هناك مع التعامل مع هذه الحالة.
من اللحظات الأولى لإصابة يوسف، حاولت مؤسسات حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين الفلسطينيين من إخراجه من قطاع غزة لعلاجه في مستشفيات الضفة الغربية، ولكن محكمة الاحتلال الإسرائيلي رفضت بشكل قاطع إخراجه دون ذكر أي أسباب لذلك.
كان الوقت أشد من السيف، لأن الساق اليمنى أصبحت مهددة بالبتر هي الأخرى في حال عدم تمكنه من الانتقال للعلاج في الضفة، وبعد مناشدات لتكثيف الضغوطات على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وافقت على سفره إلى الضفة للعلاج في مستشفياتها، كانت تلك بارقة أمل بثت البهجة في نفسه.
وصل يوسف إلى المستشفى الاستشاري العربي بمدينة رام الله وقلبه معلق بأمل الله ثم فرصة طبية تتكلل بالنجاح، وبالفعل استطاع الأطباء إنقاذ ساقه اليمنى من البتر.
تماثل يوسف للشفاء من ساقه اليمنى، وبعد 9 أشهر من تلقيه العلاج بالمستشفى الاستشاري، انتقل للمكوث في مستشفى الجمعية العربية للتأهيل بمدينة بيت لحم، وبعد سبعة أشهر لم يصدق يوسف أن ساقه اليمنى عادت لتطأ الأرض من جديد.
اضطر يوسف لتركيب طرف اصطناعي بدلاً من ساقه المبتورة. ورغم أن ما أنتجه البشر لن يكون بديلاً عما خلقه الله، غير أنه عاد متسلحاً بقوة إيمانه بالله عز وجل، وأن لكل فرد نصيباً وقدراً مكتوباً، واضعاً نصب عينيه أن الحياة لن تتوقف عند هذه المرحلة.
يؤمن يوسف أن ما ألمّ به كان بسبب حقد الاحتلال الإسرائيلي على الصحافيين الفلسطينيين وعلى عدساتهم وتوثيقهم للحقيقة، لذا لم يستسلم بالمطلق، بل التحق بجامعة فلسطين التقنية “خضوري”- فرع العروب، متخصصاً في “تكنولوجيا الإعلام”، ليحصل خلال عامين على دبلوم في تخصص طالما أحبه وتسبب ربما بخسارة قطعة من جسده وهو يحاول نقل الحقيقة.
لم يكتف يوسف عند هذه المحطة، فها هو يلتحق بكلية الإعلام في جامعة القدس المفتوحة ليكمل مسيرته التعليمية، هو لا يتطلع فقط لإنهاء متطلبات الحصول على درجة البكالوريوس، لكنه يخطط بكل عناية لإكمال الدراسات العليا.
يوسف شاهد حي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين، لكنه لم يفقد الأمل، فرحلة الجمع بين إكمال مسيرته التعليمية ومواصلة العمل شاقة بكل تأكيد. لن تتوقف عقارب الساعة، فالزمن يتواصل، ومازال يوسف يشق طريقه بنجاح ليواصل عمله في حقل الإعلام من خلال إشرافه على الإعلام الرقمي في نقابة الصحافيين الفلسطينيين.