نابلس-المحرر-حلا خليفة-تعتبر عائلة أمجد معاذ النابلسي واحدة من العائلات الكبيرة التي عملت في صناعة صابون زيت الزيتون لأكثر من 200 عام حيث افتتحت عائلة النابلسي مصنع صابون معاذ النابلسي (البدر) في ثلاثينات القرن العشرين، في مبنى مؤجر يعود تاريخه لأكثر من 800عام ولم تترك صبانة البدر استخدام الطريقة التقليدية في صنع الصابون من المكونات الطبيعية، فهي ليست صناعه فقط وانما تاريخ نابلسي عريق يُسَوَّق محلياً وعالمياً.
يقول أمجد معاذ، مدير صبانة النابلسي “صناعة الصابون هي صناعة عائلية تقليدية في مدينة نابلس مرتبطة بأسماء عائلات منذ قديم الزمان، حيث كانت هناك 9 عائلات تمتلك تقريبا 43 مصنع صابون جميعها مشيدة بنفس الهيكلية مع تفاوت مساحتها”.
ويتابع النابلسي قائلاً” كان يقاس حجم الصبانة تبعاً لـ(الجرن) أو (الحلة) والتي تتم فيها عملية طبخ الزيت، بالإضافة إلى عدد خزانات الزيت التي تحتوي عليها الصبانه، وكانت تعتبر مصانع الصابون في مدينة نابلس بمثابة بنوك الزيت في فلسطين .
ويضيف “تمر صناعة الصابون بعدة مراحل تتمثل في : مرحلة الطبخ، ومرحلة البسط، و مرحلة التخطيط، والتختيم، والتقطيع، ومرحلة التغليف”.
تبدأ العملية باحضار زيت الزيتون وتخزينه في الآبار، بعد ذلك يُفحَص الزيت من قبل رئيس الصبانة إذا كان الزيت جيداً أم لا ، ثم يدخل في مرحلة التصنيع حيث تضاف المادة القلوية بعد رفع درجة حرارة الزيت، وتُحضر المادة القلوية بطريقة طبيعية من نبتة تسمى (القلي) أو(الشيح)، فتجلب جذور هذه النبتة وتحرق في بيت النار داخل الصبانة ثم تطحن باستخدام حجر كبير حتى تصبح على هيئة مسحوق فيضاف لها كمية مناسبة من الماء حتى يصبح توتر الماء عالياً، ثم تضاف كمية مناسبة من المحلول القلوي إلى الزيت مع التحريك.
ويتابع أن عملية صناعة الصابون تعتبر عملية تحويلية فهي بحاجة إلى وقت كاف، فتوضع على النار على مدار سبعة أيام على الطريقة القديمة باستخدام الحلة الحجرية، وعندما يتحول الزيت إلى صابون يُرفع إلى الطابق الثاني من الصبانة ويُفرد على الأرض ثم تستخدم أدوات بسيطة جداً لتحديد الطول والعرض والارتفاع، وبعد أن يجف الصابون ينتقل إلى المراحل النهائية لعملية التصنيع.
ويوضح النابلسي أن ما يكسب الصابون النابلسي جودته ويميزه عن غيره نوع الزيت المستخدم ،ويُعَزز ذلك بعلم ومهارة الصانع وخبرته في صناعة الصابون، وتعتبر خبرة الصانع العامل الرئيسي والأساسي في تمييز وجودة الصناعه، ويقول النابلسي” إذا الصانع كان خبيراً إعطيه أسوأ زيت حيعملك أحسن أسوأ صابون”.
ويميز الصابون النابلسي عن غيره أنه مصنوع من زيت الزيتون ما يجعله يكتسب فوائده من فوائد هذا الزيت المبارك، والتي تتمثل في أنه يعمل على إطالة عمر خلايا البشرة، كما أنه غني بالمواد المعقمة للجلد، بالإضافة إلى مادة الجلسرين التي تعمل على ترطيب البشرة وعزلها عن العوامل الخارجية.
ويشير إلى أن هناك عدة عوامل أدت إلى تراجع صناعة الصابون النابلسي، ومن أبرزها الإجراءات الصارمة التي يفرضها الاحتلال على المواطنين وسيطرته على المعابر كون فلسطين منطقة محتلة، بالإضافة إلى شكوى مُصنِّعي الصابون من ارتفاع الضرائب التي تفرض على استيراد الزيت من خارج فلسطين، كون العديد من الصبانات في مدينة نابلس تعتمد على زيت الزيتون المستورد من الخارج كإيطاليا، واسبانيا بسبب عدم كفاية الزيت المنتج محلياً بالإضافة إلى ارتفاع أسعاره، ما أدى ذلك إلى تراجع هذه الصناعه ورفع تكلفتها، ومع انتشار المنظفات والمواد الكيميائية زهيدة الثمن، قلّ الطلب على الصابون النابلسي.
وتبين الحاجة أمل من مدينة نابلس أن الصابون النابلسي مفيد لعلاج شد البشرة ومنع الترهلات والهالات السوداء تحت العين كما أنه يقوي الشعر ويزيل قشرة الرأس وعلاج لتشققات الأقدام ولكنها لا ترغي جيداً إلا مع الماء الساخن.
يذكر أن الصابون النابلسي يعتبر من الصناعات التي اشتهرت بها مدينة نابلس، والتي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل، حتى بات الصابون النابلسي تراثا ًيميز المدينة عن غيرها من المدن الفلسطينية.