رام الله-المحرر-آلاء عمارنة- حمل ألحان حزنه، ومشى معها بكل الدروب، فسارت معه من الخليل إلى جنين، تجوالا بكل محافظات الوطن وخارجه حتى وصلت معه إلى الاردن، كانت صديقته الصدوقة، بل كانت صديقة أجداه أيضاً.
محمد الطوباسي (51) عاماً، ولد في جبال الخليل، بدوي الأصل، تجول بأغنامه الذي كان راعياً لها مع شبابته التى توارثها من أجداده، بدأ يتعلم عليها منذ كان في الخامسة والعشرين من عمره، فجعلها رفيقة له في ترحاله بجبال الوطن .
يمسك بأنامله هذا الشكل الإسطواني الطويل على شكل أنبوبة، مصنوعة من “البوص”، تعلو جزءها العلوي فتحات مخرمة، ثم يضعها على شفتيه ويبدأ بالنفخ، ليحرك أنامله على فتحتاها ليصنع مقاطع موسيقية لأغان تراثية، وأخرى اصطنعها من التجربة تتنوع بين الشجن والفرح.
إنها “الشبابة” كانت ونيسته في الجبال والخلاء أثناء رعيه للبقر والغنم، تعلم العزف عليها من جده حينما كان يسرح معه لرعي البقر والغنم، لتتحول هذه القطعة الموسيقية البسيطة إلى فرصة للهو ونسيان هموم الحياة.
توارث الطوباسي العزف على الشبابة من أجداده الذين سبقوه لهذا الأمر منذ أكثر من 200 عام.
الطوباسي أب سبع أبناء منهم ثلاثة ذكور وأربعة إناث، يعزف لهم ولأحفاده في مختلف المناسبات، ليعزز هذا الارث الذي يعتبره تراثنا أصيلا للعائلة بشكل خاص وللبدوي الفلسطيني بشكل عام.
يقول”الشبابة جزء من حياتي، أنا بعزف لأولادي وأحفادي في جلساتنا العائلية، لاأنها أرث فلسطيني أصيل، والشبابة بترافقنا واحنا ندبك بالمناسبات”. ويضيف” الشبابة بتعطي نغمات حزن وفرح .. الشبابة بتعطيني كلشي”.
الشبابة رفيقة درب الطوباسي فكان وزملاؤه وأصدقاؤه في الرعي يعزفون مع بعضهم.ويقول “كنا نرعى الغنم و نصب الشاي ونصير نعزف مع بعض، وقتها الغنم بهجع على صوت الشبابة وبزيد اكلهم لانه بحبوا صوتها “.
ارتباط الطوباسي الروحاني بالشبابة دفعه ليتعلم صنع الشبابات وكيفية بيعها فأصبحت حياته متعلقه في ذلك وكان من ساعده على امتهان بيع وصناعة الشبابة وأخذ أسرار هذه المهنة التاجر عماد الشيوخي من قرية الشيوخ بالخليل ليصبح بعدها تاجراً متجولاً يعزف ويبيع الشبابة.
أجمل اللحظات عند الطوباسي تلك التي يعيشها اثناء تجواله، ويبدأ بالعزف في الشوارع فيلتم الناس حوله وهم مستمتعون. بألحان الشبابة البسيطة اكتسب الطوباسي محبة الناس.
ينصح الطوباسي المواطنين وخاصة الشباب منهم تعلم العزف على الشبابة لأنها تريح الفكر والنفسية.