القدس المحتلة-المحرر-رغد نوفل– “كل ذكريات طفولتي كانت على السطح، وكُنت أحدث جميع السياح عنه، وفوجئت ذات مرة بشرطة الاحتلّال توقفني وتستجوبني عن سبب وجودي في هذا المكان، فشعرت بألم كبير عن الحالة الذي وصل له هذا السطح.” بهذه الكلمات تروي المقدسية إسراء أبو ناب بألم ما يهدد منطقة سطح الخان في القدس المحتلة من خطر التهويد، مشيرة إلى أن عائلتها تمتلك بيتاً في حي القرمي، الذي يتصل عبر درج مباشر بسطح الخان.
ويعد سطح الخان مكانا أثريا قديما سقفه المماليك يغطي أسواق البلدة القديمة في القدُس، وواحداً من أقرب مطلاّت المسجد الأقصى المُبارك، يجتمع فيه المقدسيون للقيام بأنشطتهم أمام مشهٍد تاريخي، يحمل في طياته حقبات زمنية بين قبة الصخرة وبيوت البلدة القديمة والكنائس التي تختلط أجراسها بصوت الآذان ،كأنها لوحة فنية متكاملة. ويمتد سطح الخان على مساحة وقفية كبيرة تتوزعُ ملكيتها بين أوقاف إسلّامية وأملّك لعائلّات مقدسية، وسمي بإسمه نسبة لوجود خان قديم يحوي معاصر زيت، فقد كان أحد الخانات الذي يستقبل التجار وزوار المدينة .
وللسطح أهمية تاريخية ومكانية، ولهذا يسعى الاحتلّال لسرقته وتهويده، طمعاً بفرض السيادة على فضاء البلدة القديمة وأسوارها لتثبيت الوجود اليهودي.
لماذا سطح الخان؟
“مكانٌ استراتيجي” هكذا بدأ الدليل السياحي بشار أبو شمسية حديثه عن سطح الخان الذي يمتلك إطلّالة واسعة من الشرق على المسجد الأقصى وجبل الطور، ويحيط به مسجد السلطان (ظاهر برقوق) وكنيستا القيامة والفادي، ويتوسط أربع أحياء مقدسية وهي حارة الشرف، الأرمن الحي الإسلاّمي والحي المسيحي.
ويضيف” إنَّ مخطط بلدية الاحتلّال هو تحويل السطح إلى منتزه مفتوح ، ووضع لافتات إرشادية تحتوي على التاريخ التوراتي المزور حول المسجد الأقصى أو أي نقطة داخل البلدة القديمة، فالاحتلاّل يحاول السيطرة على كُل شبٍر في مدينة القدس لاستغلّاله سياحياً.
ويتابع أبو شمسية” أن هذا السطح سيكون مقصدًا سياحياً، وواحداً من أهم البرامج التي تزورها المجموعات الاستيطانية، وأن أهداف الاحتلّال هي تغيير المشهد العربي في سطح الخان، والسيطرة على السماء والأرض وما تحتها”.
ويشير إلى أنه ينظم مسارات لسطح الخان من أجل تكريس فكرة الوجود المقدسي داخل البلدة القديمة عامة وفي سطح الخان خاصة، وهذا برأيه ما يحُافظ على هويتنا وأماكننا الفلسطينية.
إلى جانب ذلك، ذكر الناشط المقدسي رمزي العباسي أسباب رغبة الاحتلّال الشديدة بالسيطرة على المنطقة التي كان أولها النظرة البانورامية التي يعطيها سطح الخان للمتفرج، وأيضًا كونه يتوسط الأحياء الفلسطينية الأربعة.
وأكد على محاولة الاحتلّال السيطرة على سطح الخان لتحويله لمنطقة سياحية إسرائيلية، مضيفاً نية الاحتلّال بفرض دفع مبلغ مادي للدخول بدعوى أنه ذا إطلّالة فاخرة، ولتأمين وتوفير الحماية والأمان للمستوطنين لأنه يعُد طريقاً لعدد من البيوت التي استولى عليها المستوطنون.
واختتم الناشط المقدسي العباسي حديثه بالفعاليات التي يحب أن يفعلها وأصدقائه هناك “نحب أن نلتقط الصور الجماعية هناك وأن ننظم إفطارات رمضانية ونحن نشاهد المدينة”
مُتنفسٌ للمقدسيين
يشُكل سطح الخان متنفسًا للعديد من المقدسيين الذين يجتمعون فيه باستمرار، نظراً لهندسة بيوت البلدة القديمة الصغيرة، فيوفر السطح لهم مساحةً للقيام بأنشطتهم على مشهد جميل يمُيز المدينة المُقدسة.
“مُتنفس” هكذا استهل الشاب المقدسي معتز القواسمي حديثه عن سطح الخان وسط أحياء البلدة القديمة بالقدس، مضيفاً أنَّ “هدوء هذا المكان يمُكنه من الذهاب بعيداً عن صخب الاحتلاّل داخل أسوار المدينة، “رغم أنك خلّال النهار ترى المارة الفلسطينيين والمستوطنين وبعضًا من قوات الاحتلاّل بالمكان”.
وأنهى معبراً عن مكانة سطح الخان بالنسبة له قائلًّ ” هذا المكان يستوعبني بجميع حالاتي”
آننا نشد الحبل من جهة وهم يشدونه من الجهة المقابلة، وصمتنا عما يدور حولنا وعن انتهاكات الاحتلّال المستمرة في حقنا وحق مقدساتنا لن تؤدي إلا إلى الاستيلّاء الكامل عليها وحرماننا منها بشكل لا يمُكن التراجع عنه أو منعه، فسطح الخان ليس المكان الأول الذي يحُاول الاحتلّال السيطرة عليه وبصمتنا لن يكون الأخير.