رام الله-المحرر- هدى خليل- على رفوف “سوبر ماركت” بمدينة رام الله، كان التاجر إياد طميزي (48) عاما يُرتب بضائع تموينية عدة، فيما ينشغل عاملون في المحل لتلبية طلبات الزبائن الذين باتوا أكثر توجها واستفسارا عن بلد المنتج لكل سلعة.
يقول طميزي” هناك تغيرات سلوكية واضحة عند المشترين، فبعد أحداث 7 تشرين الأول، وبعد شن الاحتلال عدواناً واسعاً على قطاع غزة، نلاحظ أن عدد المقاطعين للمنتجات الإسرائيلية في ازدياد مستمر”، لافتاً إلى أن غالبية الزبائن باتت تسأل إن كان المنتج اسرائيلياً أم لا.
الأصوات الداعية لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية تتعالى داخل المجتمع الفلسطيني فيما يؤكد آخرون على ضرورة دعم المنتج الوطني.
(أبو محمد) صاحب بقالة في رام الله يؤكد أنه منذ بداية أحداث السابع من تشرين الاول زاد الطلب على المنتجات الفلسطينية وتعمق الوعي لدى المستهلك الفلسطيني بضرورة مقاطعة المنتجات الإسرائيليى، مشيراً إلى أنه حتى الأطفال تأثروا بحملات المقاطعة بتجنبهم للبضائع الإسرائيلية، علماً أنه كان هناك حملات سابقه لكن بعد الحرب زادت فعاليتها.
ويؤكد أبو محمد أن المنتجات الوطنية الاستهلاكية تنافس بقوة المنتجات الإسرائيلية والعالمية، مشيراً على سبيل المثال إلى نجاح منتجات الألبان الوطنية في رفع جودتها ومنافسة نظيرتها الإسرائيلية.
وأعرب عن أمله أن يعمل كل المنتجين الوطنيين على تطوير منتجاتهم وتحسينها بما يضمن منافستها وقدرتها على أن توفر بديلاً عن المنتجات الإسرائيلية والمنتجات العالمية الأخرى.
وحول تأثير العدوان الاسرائيلي على سلوك المستهلك الفلسطيني، يقول صلاح هنية رئيس جمعية حماية المستهلك”هذه المرة لدينا أرضية جاهزة لدعم المنتجات الفلسطينية ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية نتيجة للتوعية المستمرة والمتراكمة منذ أعوام طويلة لم تتوقف منذ العام 2014″.
وأضاف”نحن لم نبدأ منذ هذا العام بل منذ العام 1999 إذ كان هناك نشاط فاعل لمقاطعة منتجات المستوطنات، وفي العام 2001 توسعت القوائم باتجاه المنتجات الإسرائيلية”، مشيراً إلى أن المنتجات الفلسطينية باتت تمتع بالجودة والتنوع ما عزز التوجه نحوها.
ودلل هنية على التقدم الذي حصل في المنتج الوطني خلال السنوات الأخيرة بوجود ثماني مصانع ألبان وطنية بامكان المستهلك الاختيار بينها، منوهاً إلى أن التاجر الفلسطيني بات يتقبل الترويج للمنتجات الفلسطينية لأنه يحقق أـرباحاً في مبيعاته منها، عن طريق الحصول على مفاضلة سعرية.
ويتابع”كل هذه العوامل مجتمعة ادخلتنا هذه المرحلة ونحن أقوياء لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ولدينا ثقة بمنتجاتنا ولم يتوجه أي كان إلى أي متجر ليطالبه بتقديم المنتجات الفلسطينية لأن القناعة باتت مترسخة”.
وحذر هنية من بعض القائمين على المنتجات الاسرائيلية الذين يسعون إلى حملات تشويه للمنتجات الفلسطينية بهدف ضرب حملات المقاطعة، منوهاً إلى أن كثيراً من تجار الجملة تحولوا نحو استيراد سلع عالمية بدلاً من الاسرائيلية في ظل توسع حملات المقاطعة.
وأكد هنية على أهمية دعم المشاريع الصغيرة والتعاونيات التي بدأت تحقق نجاحات لافتة بسبب حملات المقاطعة ودعم المستهلك الفلسطيني لها.
بدوره، يقول المتحدث باسم وزارة الاقتصاد الوطني محمد أبو شنب إن الحكومة أقرت قانوناً لحظر ومكافحة البضائع الإسرائيلية، ومن أجل تشجيع البضائع الوطنية قامت بوضع مجموعة من البرامج والإجراءات لتمكن المنتج الوطني من منافسة المنتج الإسرائيلي من خلال تعزيز الجودة.
ويشير أبو شنب إلى أن نتائج هذه الحملة أصبحت ملموسة، من خلال الإقبال الكبير على المنتجات المحلية، بحيث أن ما يقارب 50% من سلة الاستهلاك تصب في مصلحة المنتج الفلسطيني، إلى جانب أن الحكومة تثمن وتدعم أي حملة وطنية قائمة على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
ويتابع أبو شنب أنه بناء على الشراكة بين الحكومة والمؤسسات الخاصة تم تحديد تاريخ الأول من تشرين الثاني يوماً للمنتج الوطني، حيث تم إطلاق مجموعة من الحملات التوعوية، بالإضافة إلى إقامة معارض للدعم والترويج للمنتوجات الفلسطينية، منوهاً إلى أن من نتائج هذه الحملات ارتفاع حصة المنتج الفلسطيني من 42% إلى 45%، ما يعتبر علامة فارقة تؤكد بأن المنتج الفلسطيني يحظى بثقة المستهلك الفلسطيني.
ويضيف أبو شنب أن الحكومة منحت المنتج الفلسطيني أفضلية في العطاءات الحكومية بنسبة 15% ، بالإضافة إلى إقرار سياسة لتدعيم المنتجات الفلسطينية، من خلال تصميم مجموعة من البرامج لتحديث الصناعة بلغت قيمتها الإجمالية نحو (60) مليون دولار خلال الفترة الماضية، إلى جانب وجود توجه استراتيجي لدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر كونها المحرك الأساسي للمنتج الفلسطيني في المجمل العام.
وأكد تحقيق نتائج ايجابية لكنها تبقى قاصرة في ظل إجراءات الاحتلال الاسرائيلي الذي يضع عقبات جمة أمام أي عملية تنموية فلسطينية.