رام الله-المحرر-أماني العودة ورهف غنام-في قرية دير عمار على بعد 17 كم شمال غرب رام الله، يعيش المواطن …..(55) عاماً على تربية النحل.
بدأت قصة (أبو محمد) المميزة مع النحل وهو في سن الخامسة عشر عندما ذهب إلى السهل ليستمتع بالهواء النقي، وأثناء تجواله لفت نظره شيئاً جذاباً جعله يندفع نحوهُ بسرعة، وإذ بخلية نحل داخل شجرة زيتون أحاطته رائحة العسل الشهية فاستحوذت على فضوله.
تذوق قطرات من هذا العسل اللذيذ، من هنا انطلق شغفه بتربية النحل، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي عاشها، حيث لم تسمح له الأوضاع المعيشية بممارسة مهنته المفضلة في البداية، إلا أن رغبته الجادة دفعته لاتخاذ قرار جريء بترك المدرسة ليعيل أسرته.
يستيقظ (أبو محمد) كل يوم مع شروق الشمس وزقزقة العصافير، يرتدي لباسه الواقي ويتوجه نحو أرضه، حيث يهتم برعاية النحل ويتفحص الخلايا بدقة، يظل دائمًا متيقظًا لظروف الطقس، حريصاً على سلامة خلاياه. بالرغم من المصاعب التي واجهها في البحث عن العسل الطبيعي، الذي كان يستخلصه من الصخر ذات المرتفعات الشاهقة إلا أن عزيمته كانت قوية، و لم يتخل عن حلمه وهوايته أبداً.
يقول أبو محمد “كنت استخلص العسل في مرتعات شاهقة، في تلك اللحظات تعيش لحظات خطر شديد وكأنها مسألة بين الحياة والموت، ومع ذلك لم أتخل عن هذه الهواية”.
إلى جانب تربية النحل، يعمل أبو مُحمد في كل من مجال البناء والزراعة والحراثة لتوفير مصدر دخل يعينه على تربية أسرته الصغيرة، حيث إن العائد المالي من العسل لا يكفيه طوال العام.
هناك أنواع عديدة من العسل ينتجها (أبو محمد) من تربية النحل ، أنواع تتمتع بشهرة في العالم ومنها: عسل الرباط، وعسل السدد، وعسل الشهد، وعسل المرار، والعسل السنوي الذي يعتبر من بين أفضل أنواع العسل، إلى جانب العسل اليمني ذي الشهرة العالية، وعسل الغابة السوداء وغيرها.
بعد كل هذه السنوات من التجربة لا يخفى على (أبومحمد) كيفية تحديد جودة العسل، إذ يتم التمييز بين العسل الطبيعي والعسل غير الطبيعي (المطعوم) من خلال وضع القليل من العسل في كوب صغير من الماء، فالعسل الطبيعي يأخذ بالذوبان في وقت قصير جداً، على العكس من العسل (المطعوم) الذي يأخذ وقتاً أطول بالذوبان. تتميز حياة (أبو محمد) بالبساطة، ويسود الدفء في علاقته مع أفراد مجتمعه الذين يمارسون حياتهم اليومية في حرف متعددة لإعانة أسرهم، ولكن السطر المميز في حياته بأنهُ يستخدم هوايته إلى جانب الحرف التي يتقنها لإعانة أسرته، وتلبية احتياجات أفرادها المعيشية، فهو المعيل الوحيد لها منذ الصغر.
بعد أن يمضي نهاراً شاقاً، لكنه شيق في تربية النحل والاعتناء به، يعود (أبو محمد) إلى منزله وفي حوزته كل يطلبه أفراد أسرته من احتياجات، وابتسامة الرضا والاطمئنان تملأ وجهه، فقد جنى ثمار جهده وعمله الشاق في رحلته مع الحياة، واستكشافه لعالم الطبيعة الجميل.