رام الله-المحرر-نجلاء زيتون- رافق العدوان العسكري على قطاع غزة موجة تصريحات عنصرية تحريضية صادرة عن شخصيات سياسية ودينية إسرائيلية تجيز للجنود قتل المدنيين الفلسطينيين، مرفقة بدعوات لاغتصاب الفلسطينيات بغزة.
المؤسسات الحقوقية سجلت شهادات مروعة لمعتقلين تعرضوا لانتهاكات جسيمة، كما وثقت أخرى عمليات إعدامات جماعية، ما يعني أن تلك التصريحات لم تكن مجرد استهلاك إعلامي بل أن “اسرائيل” بسياسييها وعسكرييها اتجهت للمفاخرة بأفعال “فاشية”.
وبينما عجت مواقع التواصل الاجتماعي في إسرائيل بفيديوهات تدعم تدمير غزة والقضاء على سكانها، خرج مجموعة من جنود الاحتلال بفيديوهات من واقع الجريمة يتفاخرون بقتلهم أطفالاً ونساء.
حرب الإبادة التي تشن على قطاع غزة افتتحها وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت بتصرح مفاده: “لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة . لن يكون هناك كهرباء ولا طعام . نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقا لذلك”.
وبينما كانت هذه “الحيوانات” حسب مفهومه العنصري تموت قتلاً وجوعاً، دعا رئيس حزب شاس المتطرف إيلي يشاي إلى حرب شاملة على قطاع غزة ، قائلاً ” يمكن تدمير غزة كي يفهموا أنه يجب ألا تتم إغاظتنا، يجب تسويتهم بالأرض، ولتهدم آلاف المنازل، والأنفاق والصناعات”.
عضوة الكنيست ريفيتال ” تالي ” جوتليف دعت جيش الاحتلال لاستخدام كل ما في جعبتها قائلة في تغريدة لها في : ” حان الوقت لصاروخ يوم القيامة، إطلاق صواريخ قوية بلا حدود، لا تسوي حياً واحداً بالأرض، بل تسحق غزة كلها وتسويها بالأرض بلا رحمة”. ليس هذا فحسب بل أن وزيرالثقافة في دول الاحتلال عميحاي إلياهو دعا صراحة إلى ضرب غزة بقنبلة نووية.
أكثر من 30320 شهيداً منذ بدء العدوان و71533 جريحاً إضافة إلى قرابة 7 آلاف مفقود تحت ركام منازلهم المدمرة، أي أن نحو 5% من سكان قطاع غزة قد أصبحوا شهداء وجرحى في أقل من 150 يوماً من الحرب، دفعت البعض إلى الانتصار للإنسانية في عالم ساد فيه قانون الغاب والمصالح. جنوب افريقيا حملت آهات المقهورين والمظلومين إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لعل وعسى ينتصر القانون لنصرة القتيل من حرب إبادة تطحن البشر والحجر والشجر.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا كل هذه الشهية للقتل وارتكاب الجريمة تلو الجريمة؟
يقول الدكتور إبراهيم ربايعة ، الباحث والمختص في العلوم السياسية بأن الفكر الصهيوني يقوم أساساً على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، ما يجعلهم يتعرضون للتهميش والإهمال في المعاملة الإنسانية، مستشهداً بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي وصف الحرب ضد الفلسطينيين بأنها حرب ضد “العماليق”، في استحضار واضح لرواية صهيونية توراتية تجسد ما فعله يوشع بن نون حينما دخل الأراضي المقدسة.
تقول التوراة” “فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا”.
ويؤكد ربايعة أن هذه النظرة تجعل الفلسطيني في نظر منظومة الاحتلال بأنه ينتمي لمخلوقات غير إنسانية.
وأوضح أنه اليسار الاسرائيلي كان يتميز بطابع علماني، ولذلك فإن رؤيته للقضية الفلسطينية تختلف عن اليمين الديني، مؤكداً بأن تصور وزير مالية الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش للحل مع الفلسطينيين تتركز حول تخييرهم بين العبودية والاستسلام، أو التهجير أو التقتيل.
ولفت إلى أن هذه النظرة تقوم على زرع الكراهية في نفوس المستوطنين وغلاة المتطرفين، وهذه تتحول إلى سياسات سواء من خلال الحرب المشنة على قطاع غزة أو من خلال الاعتداءات الممارسة في الضفة الغربية.
من جانبه، يشير الصحفي محمد أبو علان المختص في الشؤون الإسرائيلية ، إلى أن “الفاشية” والعنصرية الإسرائيلية لا تعتبر ظاهرة جديدة، بل هي جزء من تاريخ الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال منذ نشأتها في عام 1948.
ويضيف “التاريخ الدموي لدولة الاحتلال وارتكابها العديد من المجازر ضد الفلسطينيين يؤكد على سياسة الإبادة الجماعية التي يمارسها هذا الكيان”، لافتا إلى أن صدمة المجتمع الإسرائيلي بما جرى من هزيمة لجيشه في 7 اكتوبر ، أدت إلى تصعيد العدوان على قطاع غزة بهدف استعادة الهيبة والكرامة.
ويتابع “هذا يعكس سياسة الإبادة الجماعية والتهجير التي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وديموغرافية”، مؤكداً على أهمية التداخل الكبير بين الأبعاد السياسية والعسكرية في إسرائيل لفهم السياق الكامل للأحداث الراهنة وضرورة التصدي لثقافة العنصرية والفاشية لتحقيق السلام والعدالة.
بدوره، أوضح الصحفي المختص بالشؤون العبرية عصمت منصورأن جزءاً كبيراً من حالة التعبئة والتحريض على الفلسطينيين هي نتاج طبيعي لسياسة قادة “اسرائيل” بسياسييها وعسكرييها الذين اعتبروا بأن كل الفلسطينيين في قطاع غزة “مذنبون”.
ويشير منصور إلى تصريحات قادة “اسرائيل” التي شجعت ووجهت نحو ارتكاب مجازر بشعة، مثل تصريح عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان الذي كتب على صفحته الشخصية بأنه لا يوجد أبرياء في غزة وتصريح آخر لوزير الثقافة الإسرائيلي يطلب فيها إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، بالإضافة إلى غيرها وغيرها من التصريحات.