رام الله-الحياة الاقتصادية- سفانا السعدي-أحمد حمد(23) عاماً من مدينة الرام كان يعمل محاسباً ومساعد طباخ في مطعم داخل الخط الأخضر لعدة سنوات، لكنه وجد نفسه عاطلاً عن العمل بعد أحداث 7 أكتوبر ليفقد مصد رزقه الوحيد، وها هو يعاني منذ خمسة أشهر بسبب منع “اسرائيل” العمال الفلسطينيين من التوجه إلى أعمالهم وعدم منحكم تصاريح.
وبسبب هذا التوقف المفاجئ عن العمل واجه حمد صعوبات كبيرة في توفير متطلبات حياته وتحمل المصاريف الأساسية، وأشار إلى أنه واجه صعوبات في العثور على وظيفة بديلة بعد أن توقف العمل في المطعم الذي كان يعمل فيه، ما أجبره على البحث بجدية عن فرص جديدة.
وأكد أن تحديات البحث عن وظيفة بديلة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم استقرار السوق تبدو مهمة شبه مستحيلة.
حال حمد هو حال قرابة(200) ألف عامل توقفت أعماله داخل الخط الأخضر بعد أحداث 7 أكتوبر أي أن نحو ربع القوى العاملة في فلسطين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها ينضمون إلى البطالة ما حرم السوق الفلسطينية من نحو 1.5 مليار شيقل شهرياً.
ولم تكن عجلة الاقتصاد الفلسطيني تتأثر سلباً بهذا العامل فحسب، بل أن اقتطاع الاحتلال الاسرائيلي لأموال المقاصة التي تشكل نحو 65% من ايرادات الخزينة العامة جعل السلطة الوطنية عاجزة عن صرف رواتب كاملة لموظفيها البالغ عددهم نحو(140) ألف موظف مدني وعسكري ما حرم السوق كذلك من قرابة مليار شيقل شهرياَ.
يقول المحلل الاقتصادي د. ثابت أبو الروس ثابت أبو الروس إن الاحتلال الاسرائيلي عمد بعد أحداث 7 أكتوبر إلى خنق الاقتصاد الفلسطيني بعدة وسائل، فبالإضافة إلى منع العمال الفلسطينيين من التوجه إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر الذي حرم الأسواق من سيولة نقدية كانت تعد المحرك الأساسي لها، عمل إلى اقتطاع أموال المقاصة وتشكيل حصار مالي على السلطة الوطنية، بالإضافة إلى منع فلسطيني الداخل من الوصول إلى أسواق الضفة ما حرمها من مصدر آخر لتحريك العجلة الاقتصادية، يضاف إلى ذلك زيادة الحواجز بين المدن والقرى المختلفة ما عقد من حركة التنقل للبضائع والأفراد الأمر الذي زاد الكلفة على المنتجين والمستهلكين على حد سواء في ظل تراجع الدخول بشكل ملحوظ، الأمر الذي عطل الدورة الاقتصادية وأدخل الاقتصاد في مرحلة خطيرة جداً لم يسبق لها مثيل منذ إنشاء السلطة الوطنية عام 1994.
ويشير د. أبو الروس إلى أن استمرار المعطيات الحالية لفترة طويلة سيقود إلى مشاكل اقتصادية كبيرة وفي مقدمتها ارتفاع ملحوظ على مستويات البطالة والفقر، وإلى إغلاق العديد من المشاريع الصغيرة الأمر الذي سيعمق الأزمة ويضيف أعداداً أخرى إلى صفوف البطالة، خاصة أن التهديد أصاب حتى الشركات الكبرى في فلسطين التي أظهرت بياناتها المالية خسائر كبيرة بسبب تداعيات الحرب.
وحول تأثير البطالة على الوضع الاقتصادي يقول أمجد التميمي منسق التدريب في شبكة الصحفيين الاقتصاديين إن التحديات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني قبل الحرب على غزة تجلت بصورة واضحة خلالها من خلال الاعتماد على العمالة الفلسطينية داخل الخط الأخضر واعتماد الخزينة العامة في ايراداتها على أموال المقاصة التي بقيت أداة ابتزاز سياسي بيد “اسرائيل”.
وأوضح أن “اسرائيل” وظفت تلك الأوراق بهدف خنق الاقتصاد الفلسطيني وأدى ذلك إلى فقدان العديد من الوظائف وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير.
وأضاف أن عوامل مثل الحجز الإسرائيلي على الأموال وعدم صرف الرواتب للموظفين أثرت بشكل سلبي على الحركة الاقتصادية اليومية والشهرية.
وأشار تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن معدلات البطالة في فلسطين بعد نهاية العام 2023 بلغت 28% بعد أن كانت 25.5% في العام 2022 نتيجة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وتداعياتها على الاقتصاد الفلسطيني.
كما تأثر قطاع الإنتاج الصناعي الفلسطيني في محافظات الضفة ما بعد عدوان الاحتلال على قطاع غزة حيث بلغت حجم التراجع في الطاقة الإنتاجية للمنشآت الصناعية قرابة 86.5% من طاقتها خلال الشهرين الأخيرين للعام 2023 مقارنة في الأوضاع التي كانت ما قبل العدوان إذ كان متوسط التراجع نحو 44.0% من طاقة الإنتاج .
وأضاف التميمي “بالنسبة لتعامل المجتمع الفلسطيني مع هذه الظروف، هناك محاولات من المجتمع للتكيف مع الأوضاع الصعبة”، مشيراً إلى حالة من عدم الاستقرار والقلق بين المواطنين نتيجة لنقص الدعم المالي الخارجي وتدهور الوضع المعيشي، مؤكداً أن الاعتماد المستمر على المساعدات الخارجية لا يمكن أن يكون استراتيجية مستدامة، ولذلك ينبغي على وزارة العمل وكافة الجهات الحكومية المسؤولة تعزيز القدرات الداخلية وتطوير البنية التحتية الاقتصادية.
*المادة تدريبية ضمن متطلبات مساق “غرفة التحرير” لطلبة كلية الإعلام في جامعة “القدس المفتوحة”