غزة-المحرر-نسمة عيسى- وأنت تمر بين خيام النازحين في مواصي خانيونس تجذب نظرك لافتة حمراء لامعة بجوار خيمة بسيطة تحمل اسم “مركز نبيل شوالي للبصريات”.
هذا المركز الذي يكاد لا أحد في القطاع لا يعرفه بخدماته المميزة، وسلاسة التعامل مع الزبائن، وفحص النظر المجاني، والإطارات الحديثة.
ترى هناك شاباً عشرينياً يسرق النظر هنا وهناك، على أمل أن يأتي أحد لخيمته، فتتقدم لتعرف قصته.
يقول الشاب خالد زهير أبو نمر الإداري في المركز “وضع المحل كان ممتازاً من بضاعة، وديكورات، وأجهزة، وعدسات لاصقة وطبية، ومحاليل، وإطارات كلفتها ٤٠ إلى ٤٥ ألف دولار “.
ويضيف: “المحل راح، البيوت راحت مش بس فرعنا، فروعنا على مستوى القطاع والبضايع يلي فيها راحت بعد اجتياح خانيونس، قعدنا ٤ شهور ونص على المساعدات زي باقي الشعب، زي ما شايفين عملنا خيمة بدل المركز بـ ١٠٠٠ شيقل عشان نفيد الناس”.
“مركز نبيل شوالي للبصريات” ليس إلا واحداً من المنشآت الاقتصادية التي دمرتها آلة الحرب الاحتلالية التي تشن على قطاع غزة من أكثر من عشرة أشهر، فقد كشف تقرير للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن آلة الحرب دمرت 150 ألف وحدة سكنية بالكامل، و 200 ألف وحدة جزئياً، ما تسبب بفقدان شريحة كبيرة من السكان خاصة فئة الشباب مراكزهم ومحالهم وأماكن عملهم، بما تحويه من أثاث وأجهزة وذكريات وإنجازات اكانت تعيلهم وأسرهم.
وتشير بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن اقتصاد قطاع غزة انكمش خلال الربع الأول 2024 بنسبة 86 بالمئة على أساس سنوي.
فيما أعلنت منظمة العمل الدولية أن البيانات تظهر أنه حتى 31 كانون الثاني الماضي، تم فقدان حوالي 201,000 وظيفة في قطاع غزة بسبب الحرب المستمرة، وهو ما يمثل حوالي ثلثي إجمالي العمالة في القطاع.
يقول خالد “الشغل اليوم شبه واقف من ناحية التصليح والصيانة لأنو فش قطع غيار من أنفيات وبراغي وغيرها، وتكلفة النظارة اليوم ٢٠٠ شيقل لانو صعب تحصل على مواد خام مع تسكير المعابر لكن مستمرين بالعمل عشان نفيد الناس”.
النازخ خالد كغيره من الشباب أختار أن يستمر بعمله بالخيمة ببعض الأجهزة التي طالها من تحت الركام، أهمها جهاز الفحص الذي جعل العمل ممكناً، ورغم كل حالة الظلام والقهر في قطاع غزة، غير أن الأمل مازال مزروعاً في نفوس مواطنين يتطلعون أن ينهضوا من تحت الركام بحثاً عن غد أفضل، وأن تضع الحرب أوزارها.