محللون: اليمين الاسرائيلي المتطرف يسعى إلى حسم الصراع بالتدمير والتهجير
رام الله- المحرر- دعاء خلف – بعد مرور أكثر من عام على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة، والتي أودت بأكثر من42 ألف شهيد و10آلاف مفقود و100 ألف جريح وتدمير معظم البنية التحية والمباني في قطاع غزة، باتت القضية الفلسطينية تمر بمأزق غير مسبوق، لكن محللين يعتقدون أنها عادت إلى الواجهة رغم حجم التضحيات، والمساعي الاسرائيلية لتصفيتها.
يقول المحلل السياسي د. قصي حامد أن القضية الفلسطينية اليوم لم تعد كما كانت قبل السابع من أكتوبر، فهي تعود إلى الواجهة مرة أخرى بعد أن تحولت إلى الهامش لفترة طويلة، بالأخص بعد الانقسام الفلسطيني، وبعد ما يسمى بـ ( الثورات العربية )، مشيراً إلى أنه خلال العامين 2023 و 2024 أعيد تقييم القضية الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي الذي استنتج بأن استمرار الصراع دون حل هو السبب الرئيسي لكل التوترات بالشرق الأوسط.
ويعتقد حامد أن هناك شبه اتفاق بين القوى الدولية على ضرورة التدخل باتجاه دفع عملية السلام، وبالتالي إعادة الهدوء للمنطقة، مشيراً إلى أن هذا التوجه مرده أمرين، الأول هو اعتقاد الولايات المتحدة وأوروبا بأن مصالحهم في الشرق الاوسط ستتأثر طالما لم يتم ايجاد حل للصراع، والثاني أن دفع عجلة التطبيع بين اسرائيل والدول العربية يحتاج الى خطوات جدية من المجتمع الدولي باتجاه ايجاد حل للقضية الفلسطينية.
ويرى حامد بأن المجتمع الدولي بات يدرك أهمية كبح جماح اسرائيل في توسيع دائرة الصراع وخاصة مع ايران خشية من اندلاع حرب إقليمية، لا أحد يرغب بها.
اما على مستوى التعاطف العالمي، فيشير حامد إلى أن الحرب على قطاع غزة أعادت تذكير العالم بأن هناك شعب يمارس بحقه الاضطهاد والإبادة الجماعية يومياً، ما أثار حفيظة الرأي العالمي الذي خرج بتظاهرات واسعة في محاولة للضغط على الحكومات التي تؤمن بحقوق الإنسان لاتخاذ مواقف أكثر عدلاً تجاه الشعب الفلسطيني.
وعلى المستوى الداخلي، يؤكد حامد ضرورة العمل على لم الشمل وإنهاء حالة الانقسام الداخلي للتفرغ للتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، منوهاً إلى أن اسرائيل اليوم تجاوزت بتفكيرها كل ما يتعلق بوجود كيان سياسي يمثل الشعب الفلسطيني، وبالتالي فهي تعمل على التخلص من رمزية السلطة الفلسطينية كممثل سياسي للفلسطينيين.
ويضيف أن اسرائيل اليوم تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى إلغاء الكيانية السياسة للفلسطينيين، اي أن لا يكون مستقبل لأي كيان فلسطيني يقام على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، منوهاً إلى انكشاف المخططات الاسرائيلية وما تضمره للشعب الفلسطيني بإلغاء كيانه وأيضاً دفعه إلى الهجرة، وعزله في كانتوهات داخل أراضيه، من خلال ابتلاع ما تبقى من أراضي الضفة في مناطق (ج).
من جهته، يقول الخبير بالشأن الإسرائيلي نهاد ابو غوش أن اسرائيل شهدت على امتداد العقدين الماضيين انزياحاً متواصلاً نحو اليمين واليمين المتطرف، والذي أسفر عن انتقال قوى اليمين الأكثر تطرفاً من هامش الخريطة السياسية إلى مركزها المقرر.
ويرى أبو غوش أن هذه التطورات عكست نفسها بشكل واضح على الموقف من الشعب الفلسطيني والاحتلال وفرص الوصول إلى تسوية سياسية، وتمثلت في الاتجاه إلى حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني بالقوة المسلحة بدل المفاوضات والاتفاقيات.
يذكر أبو غوش أن هذه التطورات سبقت السابع من أكتوبر وعبرت عن نفسها في تشريع “قانون القومية” الذي يحصر حق تقرر المصير في “أرض إسرائيل” في اليهود، وينزع صفة الشعب عن الفلسطينيين بحيث ينحصر التعامل معهم في القضايا المعيشية والاقتصادية.
ويبين أن الحكومات الاسرائيلية واصلت ضغطها على السلطة الوطنية والتضييق عليها ومحاولة اختزال دورها في وظائف أمنية وإدارية محدودة، وفصل الضفة عن قطاع غزة، مع مواصلة عمليات تهويد القدس وتكثيف الاستيطان وتوسيعه، والعمل على استئصال المقاومة ومواجهة أي مظهر من مظاهر مناهضة الاحتلال.
ويوضح أبو غوش أنه منذ أحداث السابع من أكتوبر اتخذت “اسرائيل” سياسات حسم الصراع بطرق أكثر توحشاً ودموية من خلال حرب الإبادة والتدمير والتهجير، مشيراً إلى أن آلة الحرب الإسرائيلية عملت على الانتقام من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير كل المعالم والأعيان الحضرية من مدارس ومستشفيات ومقرات حكومية وبنايات ومساجد وكنائس ومرافق اقتصادية وخدمية في قطاع غزة.
ويضيف”مع فشل محاولات التهجير الشامل بسبب المعارضة الإقليمية والدولية، عملت اسرائيل ما أمكنها ذلك على تنفيذ التهجير الداخلي لمحاولة تدفيع الفلسطينيين جميعاً كلفة ما جرى في السابع من أكتوبر، ثم جعل قطاع غزة منطقة غير قابلة للحياة وطاردة للسكان”، منوهاً إلى أن كل هذه المحاولات ما زالت تصطدم بصمود الشعب والمقاومة التي تجعل من تنفيذ هذه المخططات أمراً مكلفاً جداً لدولة الاحتلال.
في ظل استمرار حرب الابادة على الشعب الفلسطيني عامة، وأبناء شعبنا في غزة خاصة، والمستمرة لأكثر من عام وسط صمت عالمي موجع، يبقى أمل الشعب الفلسطيني أن تنتهي هذه الحرب المؤلمة التي قدم فيها تضحيات جسيمة، وأن تلوح راية العدل بنيله حقوقه الوطنية وفي مقدمتها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.