عمال تعطلوا عن أعمالهم يصرخون: أصبحنا مثقلين بالديون
رام الله – المحرر– ليدا يوسف- عرفات نخلة (53)عاماً، أب لخمسة أبناء، كان يعمل في البلاط داخل الخط الأخضر ودخله اليومي يتراوح بين 300-400 شيقل، لكن إجراءات الاحتلال، حرمته من التوجه إلى عمله منذ أكثر من عام، فجعلته يكتوي بنار البطالة دون وجود أفق لعودة قريبة، مع استمرار العدوان على شعبنا.
يقول نخله”لم أعد قادراً على دفع أقساط ابنتي الجامعيةـ ولم أتلقَ أي مساعدة من أية جهة كانت”.
نخله واحد من بين نحو(220) ألف عامل تعطلوا عن العمل بعد أن منعهم الاحتلال من التوجه إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر منذ أحداث السابع من تشرين الأول 2023، فباتوا لا يمتلكون شبكة أمان اجتماعي، وأصبحوا عرضة لمزيد من المعاناة بعد أن انضموا لصفوف البطالة، وسط غياب الأفق بشأن مستقبله.
يقول محمود عياش (40) عاماً، الذي يعيل أربعة أطفال، إنه بعد مرور أكثر من عام على منعهم من التوجه أعمالهم، لم يعد قادراً على توفير الحليب لأطفاله، حيث أصبح مثقلاً بالديون والشيكات المرتجعة بعد أن كان دخله الشهري يقارب(10) آلاف شيقل.
العاملون داخل الخط الأخضر من أكثر المتضررين خلال هذا العدوان، ففي ظل الاجراءات الانتقامية التي فرضها الاحتلال على شعبنا خلال حرب الإبادة، لم يتمكن معظمهم من الوصول لأعمالهم داخل الخط الأخضر ليصبحوا غير قادرين على تأمين أدنى احتياجات أسرهم.
يشير عضو الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين خالد عبد الهادي إلى أن 54% من العاملين داخل الخط الأخضر والبالغ عددهم نحو (220) ألف عامل مازالوا بلا عمل بعد مرور أكثر من عام على بدء العدوان، منوهاً إلى أن ذلك تسبب بانكماش كبير في الاقتصاد الوطني وزيادة ملحوظة في معدلات البطالة، وضعف في القوى الشرائية لدى معظم فئات المجتمع الفلسطيني.
وحول مدى التدخلات اللازمة لمساعدة تلك الفئة العمالية، يقول عبد الهادي إن التدخلات الأساسية يجب أن تكون من الحكومة، مشيراً إلى أن الحاجة باتت ملحة لنظام حماية اجتماعية وتأمينات للعمال.
ويضيف “كان من المفترض الذهاب إلى اقرار قانون ضمان اجتماعي يوفر دخلاً للعمال، إلا أن الحرب أوقفت هذا الموضوع”، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات قانونية من خلال منظمة العمل الدولية والاتحاد العالمي للنقابات، حيث تم تقديم شكوى ضد إسرائيل للمطالبة بصرف مستحقات للعمال المتعطلين عن العمل.
ووفقا لتصريحات عبد الهادي فإن أكثر من نصف العمال الذين كان يذهبون للعمل داخل الخط الأخضر قد انضموا عملياً إلى صفوف البطالة.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة الناتجة عن الحرب توقفت العديد من المصانع والشركات عن العمل ما أدى اغلاق حوالي 40% من المنشآت الاقتصادية التي كانت تشكل مصدر رزق أساسي للعديد من العمال الفلسطينيين، ومع فقدانهم لفرص العمل يزداد التحدي الاقتصادي والاجتماعي.
يقول الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي عماد الرجبي إن الاستثمار في القطاع الخاص انفض بشكل كبير ما بعد 7 تشرين الأول 2023 بسبب الأوضاع السياسية، ما أدى ذلك إلى توجه العمال نحو القطاع الزراعي، لافتاً إلى أن الحكومة تبذل جهدها لاستحداث برامج ومشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص تسهم في خلق فرص عمل، غير أن الوضع الاقتصادي السيء الذي خلفته الحرب ألقى بظلاله على مجمل الدورة الاقتصادية في فلسطين ورفع نسبة البطالة.
يفيد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير له في كانون الثاني 2024 إلى أن السوق الفلسطيني فقد نحو (507 آلاف) بسبب الحرب.
وذكر تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن معدل البطالة في قطاع غزة وصل بعد ثمانية أشهر من العدوان إلى نسبة مذهلة بلغت 79.1 بالمائة. وفي الضفة الغربية ، بلغت نسبة البطالة 32 بالمائة، بينما لم تكن تتجاوز نسبة الـ14% قبل الحرب.وبالمتوسط فإن معدل البطالة وصل إلى 50.8 في المائة في غزة والضفة.
وكان رئيس الوزراء د. محمد مصطفى صرح بأن الحصار المالي الذي تفرضه سلطات الاحتلال على السلطة الوطنية هو جزء من خطة للقضاء على المشروع الوطني الفلسطيني، وتدمير مقومات الدولة المستقلة، مشيراً إلى أن إسرائيل تستمر شهرياً في الاقتطاع من عائدات الضرائب الفلسطينية بحجة دفع مخصصات قطاع غزة والشهداء والمعتقلين، وأن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة بما فيها القدس أثر في الاقتصاد الوطني بانكماش مقداره 35٪.