بقلم: الصحفي يوسف الكرنز
الصحافة ليست مجرد مهنة؛ بل هي رسالة مقدسة تجمع بين نقل الحقيقة وإيصال أصوات الناس بمختلف أطيافهم، خاصةً أولئك الذين يُهمشون خلف أسوار الظلم أو يُسكتون قسرًا في زوايا الظلام، هي الميدان الذي تتقاطع فيه الكلمات مع الشجاعة، والحقيقة مع المسؤولية، لتصبح أداة لنقل الواقع وإحداث التغيير.
الصحافة تفتح الأعين على ما يجري في العالم، وتُمكّن الشعوب من فهم قضاياهم والتأمل في أبعادها، ما يمنحهم القدرة على اتخاذ مواقف واعية ومستقلة ومع التحديات التي تواجه الصحافيين اليوم من الرقابة إلى التهديدات وصولاً إلى استهدافهم المباشر، تبقى الصحافة قادرة على الوقوف في وجه الصعاب وإحداث الأثر.
إنها أكثر من مجرد مهنة؛ إنها ضمير الأمة وراية الحق، ومن دونها يغيب الوعي وينتشر الجهل.
لذا فإن الحفاظ على الصحافة كسلطة رابعة تقوم بدور المساءلة مسألة في غاية الأهمية، وهو أمر ينبغي الدفاع عنه دوماً كون أن ذلك يُعدّ من أسس المجتمعات الديمقراطية التي تؤكد على ضرورة الفصل بين السلطات ومراقبة عملها، وتنشد الحكم الرشيد، وتطمح بتحقيق النمو والتنمية والازدهار وضمان الحقوق الفردية وفي مقدمتها الحق في التعبير.
ولهذا، فإن المجتمات مطالبة دوماً بأن تصون الحريات الصحفية سواء عبر منظومة قانونية تكفل هذا الحق، أو من خلال تكريس هذه الحريات فعلاً بضمان عمل الصحافة والصحفيين في الميدان، وتوفير البيئة الملائمة لهم قانونياً ومجتمعياً، فلا يمكن نقل الحقيقة إلا بصحافة حرة موضوعية، ولا يمكن إحداث التغيير المنشور في المجتمعات لضمان ازدهارها إلا بترسيخ قيمة المساءلة التي تسعى الصحافة دوماً إلى ممارستها.