*صفقة القرن مازالت على “الطاولة” والجمهوريون والديمقراطيون وجهان لعملة واحدة في التعامل مع القضية الفلسطينية
*ترامب لا يمتلك عصا سحرية لوقف الحروب ووعوده للعرب والمسلمين ليست إلا لكسب الأصوات
*لا بد من إنهاء الانقسام والاتفاق على حكومة وحدة وطنية وتفعيل منظمة التحرير للتصدي للمشاريع التصفوية
رام الله ـ المحرر ـ جنين حسام المغاري ـ الانتخابات الأمريكية التي تجرى كل أربع سنوات تحدد السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتعتبر حدثاً مهماً ليس فقط على الصعيد المحلي، بل لها تأثيرات واسعة على الساحة الدولية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط بما فيها تحديد آليات التعامل مع القضية الفلسطينية.
ولمعرفة التوجهات المتوقعة للسياسة الأمريكية المقبلة بعد فوز دونالد ترامب بولاية ثانية، أجرى موقع “المحرر” لقاء مع المحلل السياسي الدكتور أحمد رفيق عوض، الذي يرسم صورة سلبية حول المرحلة المقبلة، بتوقعه أن يمنح الرئيس الأمريكي المقبل “اسرائيل” فرصة ضم الضفة الغربية، وضرب المفاعل النووي الايراني، وإجبار دول عربية على التطبيع وفي مقدمتها السعودية.
يؤكد عوض أن التحديات المقبلة تستوجب إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية لتكون جامعة للكل الوطني، وإقامة حكومة وحدة وطنية ضمن برنامج متفق عليه، بهدف التصدي لمشاريع التصفية التي تواجه القضية الفلسطينية. وفيما يلي نص اللقاء:
تداعيات سلبية لفوز ترامب
* كيف سينعكس فوز ترامب على الشرق الأوسط عموماً، وعلى القضية الفلسطينية على وجه الخصوص؟
برأيي أن انتخاب ترامب سيعمل على تسريع التطبيع مع إسرائيل، ويدفع باتجه التطبيع المجاني أي ليس له ثمن، وربما سيجبر الى حد كبير السعودية على التطبيع مع إسرائيل، ومن الممكن أن يسمح لإسرائيل بضرب ايران، وبالتالي أتوقع أنه من الممكن جداً أن يكون هناك أزمات كبرى، بمعنى أن يتم توجيه ضربة كبرى لإيران من خلال استهداف المشروع النووي الإيراني، وبالتالي تأثيره على الشرق الأوسط سيء، ومن ناحية تأثيره على القضية الفلسطينية، أعتقد أنه سيؤخر إن لم يلغ حل الدولتين، لأنه سيعمل على دعم إسرائيل في ضم الضفة الغربية، لهذا السبب، فإن تداعيات انتخابه سيئة ما لم يكن هناك طبعاً ظروف أخرى.
صفقة القرن مجدداً
* ما فرص إعادة طرح صفقة القرن مجدداً أم أن الأحداث تجاوزتها؟
لا على العكس تماماً، الأحداث لم تتجاوزها، لأن بايدن لم يعمل على تقويض صفقة القرن، بالعكس تعامل على أنها قائمة، و لهذا السبب صفقة القرن يمكن أن تتجدد على الأقل في الضفة الغربية، أما في قطاع غزة فإسرائيل تعمل على احتلاله، فإذا افترضنا أن ترامب سيعود إلى تعميق وترسيخ صفقة القرن، سنكون عملياً أمام حل يكرس الاحتلال ويحول دون قيام دولتين، بمعنى أن إسرائيل ستفرض تسويتها الأمنية وليست السياسية على الشعب الفلسطيني، وبالتالي صفقة القرن ممكن جداً ترسيخها وتعميقها، والبناء عليها بما يضمن لإسرائيل عدم قيام دولة فلسطين، وهذا بالطبع من الأمور السيئة التي قد تحدث مستقبلاً ، نأمل من الله ألا يحدث ذلك، ولكن للأسف يمكن جداً حدوثه.
ضد “الغرباء”
* ترامب كان له موقف حاد من العرب والمسلمين، وأصدر قراراً بمنع منح تأشيرات شملت عدداً من الدول العربية والإسلامية، لكنه في حملته الانتخابية الأخيرة كسب بعض الأصوات العربية والإسلامية، ما تفسيرك لذلك؟
من أجل أن يربح؛ على الأقل في الولايات المتأرجحة وخاصة في “ميتشجن” ، قابل العرب و المسلمين وقام باستغلال العلاقات كون نسيبه عربياً لبنانياً، من خلال تواجده في الأوساط العربية والإسلامية، لتجنيد الأصوات، وهذه المسألة انتخابية ليست أكثر من ذلك أو أقل، ولكن بعد ما تم انتخابه يتبين عملياً أن سياسته علنية، فهو يحارب الهجرة غير الشرعية، ويحارب الهجرة بشكل عام، ويحارب “الغرباء”، ولذا فإن رؤيته الانتخابية تقوم على كراهية “الغريب” والعنصرية والتطرف، وبالتالي تقربه للعرب والمسلمين كان من أجل جمع الأصوات فقط، وهذا يعني أنه لم يغير في أفكاره على الإطلاق.
وعود بلا معنى
* وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بإيقاف الحروب، الى أي مدى برأيك أو تعتقد بأنه قادر على ذلك؟
أولاً هو ليس بقادر على ذلك لأنه لا يملك عصا سحرية لوقف كل الحروب، وثانياً فكرة أن يوقف الحروب هذا كلام عمومي وخاطئ وليس دقيقاً، فكيف سيوقف الحروب وبأية طريقة أو وسيلة، الطريقة التي يمكن أن توقف بها الحروب هي أن تحارب بحيث تنتصر على أعدائك، لكن أن توقف الحروب بالتسويات المؤلمة هنا المشكلة، أرى أن هذا كلام انتخابي ليس له معنى، وهو من أجل أن يظهر صورته للمنتخبين بأنه رجل قوي وقادر بأن يفعل كل شيء.
حرب على “الأونروا”
*هناك توجهات إسرائيلية ضد “الأونروا” تجسدت بقرار في الكنيست، وترامب في ولايته الأولى كان له موقف عدائي منها، كيف ستكون الأمور فيما يتعلق بالوكالة الأممية في ظل تزامن حكم اليمين المتطرف في إسرائيل مع عودة ترامب؟
هذه السياسة تستمر مع الأسف، الآن إسرائيل أخرجت “الأونروا” من العمل في الأراضي التي تسميها بالسيادة الإسرائيلية، وبالتالي تم طردها من القدس، وكان ترامب في عهده الأول منع عنها التمويل وهذه السياسة ستستمر، لن يستطيع ترامب أن يغير هذه السياسة للأسف، ولذلك الحرب على “الأونروا” ستستمر.
وجهان لعملة واحدة
*برأيك ما الاختلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة في التعامل مع الملفات الخارجية بشكل عام ومع القضية الفلسطينية على وجه التحديد؟
الفرق أن الديمقراطيين يرغبون بالانتشار في العالم، ولديهم ميول عدواني، حيث يقومون بإرسال قواتهم الي خارج البلاد، وعقد التسويات، محاولين الوصول الي أهدافهم، والتسويق لفكرة حقوق الإنسان والليبراليات.
الجمهوريين على عكسهم تماماً، لا يرغبون بالانتشار في العالم بل يميلون للانكفاء في موطنهم (الولايات المتحدة) ويصبون اهتمامهم على السياسات الداخلية، ولا يعيرون اهتماماً لأحداث العالم، ولكن عندما يتعاملون مع العالم تكون بطريقة الصفقات، حيث يقومون بتبادل المصالح بعيداً عن التسويق لحقوق الإنسان والليبراليات.
فنجد أن الجمهوريين في سياستهم الخارجية عدوانيون وواضحون وصريحون، على عكس الديمقراطيين فإنهم عدوانيون، ولكنهم “كذبة”، فهم يحاولون الترويج لأنفسهم بأنهم متفوقون أخلاقياً ويتشدقون بالأخلاق الأمريكية الليبرالية وحقوق الإنسان، على خلاف ممارساتهم. والنتيجة لا فرق بينهما تجاه الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، بمعنى آخر، هم ملتزمون بأمن إسرائيل والدفاع عنها، وكلاهما لا يؤيد حقوق الفلسطينيين ولا يريدون قيام دولة فلسطينية، فكلا الحزبين وجهان لعملة واحدة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
المصالحة الوطنية أولاً
*كيف يمكن فلسطينياً التصدي لأية مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية خاصة في ظل الظروف البشعة التي يمر بها شعبنا؟
برأيي أولاً يجب إتمام المصالحة الوطنية، وهذا مهم جداً، وثانياً تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وثالثاً إقامة حكومة وحدة وطنية، كما يجب أيضاً تعزيز المقاومة بكافة أنواعها بما نستطيع من عتاد وقوة، فالمقاومة متدرجة ولها أنواع وأشكال، فلا بدّ من الاتفاق على برنامج وطني لتحقيقه، هناك منطقتان جغرافيتان يحكمهما فصيلان بسلاحين مختلفين وبرئيسين وممثلين مختلفين، وهذا ما دمر مستقبلنا، لذلك التصدي لإسرائيل هو بالوحدة الوطنية وببرنامج وطني متفق عليه، وبالمقاومة الحقيقة، والفصائل الفلسطينية تعي أن الوطن أهم من الفصيل، وبهذه الطريقة يمكن كسر إرادة المحتل.