- الحاجة في بلدي تدفع الصحفي إلى التخلي عن شخصيته بسبب غياب حرية التعبير.. وأنا أرغب في التغيير
رام الله – المحرر- رهف خالد – يلعب الإعلام دوراً مهماً في نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم، لذا يظل وجهة مفضلة للعديد من الطلبة الذين يؤمنون بهذا الدور، والذين يؤمنون بتعزيز الحريات، فكيف إذا كان الطالب ملتحقاً بهذا التخصص في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا، خاصة إذ كان هذا الطالب يجمع بين العمل والدراسة؟
يتحدث باسم حسيبا (28) عاماً الطالب في كلية الإعلام بجامعة القدس المفتوحة، ومدير فندق “لوكندة فرح” الكائن في مدينة رام الله عن تجربته في الجمع بين العمل والدراسة. يشير حسيبا إلى أن موهبته في الشعر، والكتابة، وامتلاكه خامة صوت مميزة، دفعته إلى الالتحاق بتخصص الإعلام، لافتاً إلى أنه يطمح في تغيير الواقع الإعلامي الفلسطيني الذي قال إنه يفتقد إلى حرية التعبير، وأن الصحفي مكبل بسياسات تحريرية تدفع إلى التخلي عن شخصيته. وفيما يلي نص الحوار:
*من هو باسم حسيبا؟
أنا طالب جامعي، قمت باختيار تخصص الإعلام في جامعة القدس المفتوحة، وأعمل في مجال السياحة (قسم الطعام والشراب). أعمل على تنمية مهاراتي العديدة، منها مهارة التعليق الصوتي، والتي نمت معي منذ الصغر، إذ كنت أعلم أن لدي خامة صوت مناسبة لهذا المجال (خامة صوت أدائية وليست غنائية)، وكذلك هواية الكتابة ونظم الشعر، والتي دفعتني لأحددّ خياراتي، فقد التحقت بعدة تخصصات في عدة جامعات، ولكني لم أكمل الدراسة سابقاً، ومؤخراً قررت تطوير مهاراتي من خلال الالتحاق بتخصص الإعلام الجديد في جامعة القدس المفتوحة، إذ أن هذا التخصص حديث، ونحن في عالم تطغى فيه وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، وهذا يساعدني على تطوير هواياتي ومهاراتي.
*إلى أي مدى يمكن أن تتخذ من الإعلام مهنة بعد التخرج؟
اختياري لتخصص الإعلام الجديد جاء بعد اكتشافي لموهبتي في الكتابة والشعر، إضافة إلى خامة صوتي الإذاعية، والتي تساعدني على التميز في مجال الإعلام، وبخاصة تقديم البرامج، إذ كنت أقوم بقراءة نصوص والتعليق عليها، وكانت ردات الفعل إيجابية من المحيطين، وكنت أتابع العديد من البرامج التلفزيونية، وأقلب بين القنوات لمعرفة المزيد عن التقديم الإذاعي والتلفزيوني، كما شاركت في العديد من التحديات منها “تحدي إيجاز” التابع لقناة الجزيرة، وهذا ساعدتني على تنمية مهاراتي الإذاعية، بالإضافة إلى تمكني في اللغة العربية، وهذا ما يحتاج له الإعلام في الوطن العربي، ولذلك بالتأكيد سأجعل الإعلام مهنتي المستقبلية، فطموحي منذ الصغر هو أن أكون إعلامياً يظهر على شاشات التلفاز، وكثير شجعوني للالتحاق بهذا التخصص كونه يتلاءم مع ميولي وموهبتي وتطلعاتي.
*كيف أثر تخصص الإعلام على شخصيتك وحياتك؟
لقد غير تخصص الإعلام كثيراً في حياتي، ودفعني للعودة نحو القراءة والكتابة التي ابتعدت عنها لفترة ما، أصبحت شخصاً دقيقاً جداً، وأحضر أخباراً أكثر، وانتبه لتفاصيل مختلفة كثيرة، وأصبحت لدي تطلعات على المدى البعيد لأن أكون إعلامياً مقدراً ومحترماً في مكان ما، وأنا أعلم أن الطريق طويل أمامي، وسأمرّ بمراحل عديدة وصعبة، فالحقيقة أن هذا التخصص غيرّ في حياتي بشكل جذري، حتى طريقة تحدثي مع الآخرين قد تغيرت، وأصبحت أخصص وقتي لدراستي من إجل إنهاء دراستي ضمن سقف زمني محدد، وهذا أثر على شغلي.
*ما هو تأثير الشعر والكتابة على حياتك؟
تأثير الشعر على حياتي كان كبيراً جداً، كما أثر على تخصصي الدراسي، فاهتمامي بالشعر كان أولوية قصوى منذ الصغر، كنت أفضل البقاء في المنزل لقراءة قصيدة أو سماعها على الخروج للعب مع أصدقائي، وأوليت اهتماماً بالغاً لأتعرف على الشعراء ودوافعهم لكتابة القصائد، والقصص الكامنة وراء كل قصيدة، والحمد لله تطورت في هذا المجال.
*ما الصعوبات التي واجهتها باعتبارك عاملاُ في قطاع السياحة الفلسطينية وطالباً كلية الإعلام في جامعة القدس المفتوحة ؟
الصعوبات كانت كثيرة من ناحية ضيق الوقت وأزمة المواصلات، و تغيير روتين الحياة، بحيث تتزامن أحياناً محاضرات لي في الجامعة مع عملي في الفندق، فكان هناك صعوبة في التنسيق بين الدراسة والعمل، وهذا يضغطتني نفسياً، وأحياناً يؤدي إلى قلة النوم، والإرهاق، والإهمال في بعض المجالات الحياتية، وأنا أبذل قصارى جهدي لأتجنب التقصير سواء في العمل أو الدراسة، لذا أحاول أن أركز على دراستي، وفي الوقت نفسه أن أؤدي مهام علمي، فقطاع السياحة بصراحة مكتظ دائماً، ويختلف عن بقية الوظائف في قطاعات أخرى، إذ لا يوجد عطل رسمية ولا أعياد، فلا يوجد للموظف في هذا القطاع مزايا يتمتع بها الموظفون سواء كانوا في مؤسسات خاصة أم عامة، ولهذا فإن التنسيق بين العمل والدراسة يسبب لي أحياناً عبئاً نفسياً بسبب ضيق الوقت، لكن أبذل جهدي للتغلب على تلك الصعوبات.
*ما الحوافز التي تدفعك لتصبح صحفياً فلسطينياً في المستقبل ؟
أرى نفسي قادراً بكفاءة عالية على تمثيل قضية فلسطين في المحافل المحلية والدولية، وبغض النظر عن الوضع في البلد، غير أنني أتطلع إلى تطوير وضعي المادي من أجل تمكيني من تنفيذ أفكار في صناعة المحتوى وصناعة البرامج، وأرغب أن أساهم في تطوير الإعلام في الشرق الأوسط، فأنا أتابع إعلاميين مشهورين منهم “ستيف كينج”، و”أوبرا”، و”جورج قرداح”، وبعض مذيعي قناة الجزيرة، لذا أرغب أن أسلط الضوء على قضايا إنسانية لا يذهب إليها الإعلام، وأطمح أن أكون في مكان غير “مسيس” ولا أتبع لسياسة معينة، وأن أتناول العديد من المشاكل الاجتماعية التي يتم التعتيم عليها، وكيف أدفع الناس لتنظر إلى جوانب أخرى في الحياة لتكتشف ذواتها. أنا كشاب فلسطين يافع أرغب في الإسهام بإحداث التغيير في الإعلام افلسطيني، فالنخبة الإعلامية في فلسطين تهاجر، وهناك إعلاميون آخرون جيدون لا يتم تقديرهم، ويتم تهميشهم في مؤسساتهم بسبب السياسات الإعلامية التي تكبلهم، فالحاجة تدفع إلى التخلي عن شخصية الصحفي بسبب غياب حرية التعبير، لذا أرغب أن أساهم في التغيير.
*هل لك من رسالة أخيرة؟
أدعو الشباب إلى المثابرة، وكل طالب إلى الاجتهاد، ففكرة الجمع بين الدراسة والعمل شيء جميل، فهذا الأمر يساعدك على تحمل المسؤولية ويقوي شخصيتك، وفكرة أن يتمكن الشاب الفلسطيني من الجمع بين العمل والدراسة في الوقت نفسه يؤكد على الإرادة التي يمتلكها، فرغم أنها تجربة مليئة بالصعاب والتحديات، غير أنني أشجع الشباب عليها.