الرئيسيةمقالات وآراءبين الماضي والحاضر.. الإمارات وجهة ثقافية تُلهم العالم

بين الماضي والحاضر.. الإمارات وجهة ثقافية تُلهم العالم

بقلم سجى ياسين*

لطالما كانت دولة الإمارات وجهة تجذب الأنظار من جميع أنحاء العالم، ليس فقط بما تقدمه من رفاهية ورؤية مستقبلية، بل أيضًا بما تحمله من غنى ثقافي وتنوع يعكس صورة مصغرة للعالم بأسره، أعتقد أن الإمارات على أعتاب مرحلة جديدة من الازدهار الثقافي، إذ يتبادر إلى الأذهان بمجرد التفكير فيها صورة بلد استطاع أن يجمع بين التراث العريق والتطور الحديث، بين الأصالة والطموح، إذ تسعى بكل قوة إلى تعزيز مكانتها كوجهة ثقافية عالمية.

المتاحف بوابات إلى العالم

المتاحف في الإمارات محطات لا تُنسى، حيث تمثل جزءًا أساسياً من مشهدها الثقافي المتنامي، على سبيل المثال، متحف اللوفر في أبوظبي، يتميز بتحفته المعمارية ومقتنياته النادرة، بتجسيد لقاء الحضارات، حيث يعرض أعمالًا فنية تعكس تطور الإنسان عبر الزمن، في رأيي المتحف تجاوز كونه معرضًا للفنون ليصبح جسرًا يربط بين الحضارات، مُظهرًا أن الثقافة لغة عالمية يمكن للجميع فهمها، ما يجعل هذا المعرض وجهة ثقافية متميزة لكل من يهتم بالفن والتاريخ.

إلى جانب ذلك، يأتي متحف المستقبل في دبي ليكمل هذا التطور الثقافي الكبير، إنه رؤية حيّة للمستقبل وحافز للابتكار، حيث يعرض تجارب ثقافية وتقنية متقدمة مثل استكشاف الذكاء الاصطناعي، الفضاء، والطاقة المستدامة، أرى أن هذا المتحف يشير بوضوح إلى أن الإمارات لا تقتصر على الاحتفاء بالماضي أو الحاضر، بل تسعى بجدية إلى تشكيل المستقبل من خلال الابتكار الثقافي لفتح أبواب التواصل مع العالم أجمع.

الفعاليات الثقافية منصات للتلاقي

الفعاليات الثقافية نقاط التقاء للعقول والمواهب من مختلف أنحاء العالم، عندما أرى مشاركة الإمارات في فعاليات مثل اكسبو دبي، أجد نفسي فخورة كمتابعة، الإمارات هنا لم تكتف بتصدير تراثها الفني بل جعلته جزءًا من الحوار الثقافي العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن ” وكالة أنباء الإمارات وام” جذب المعرض أكثر من (24)مليون زائر من جميع أنحاء العالم، من وجهة نظري، هذا الحدث لم يكن مجرد معرض دولي، بل منصة تعكس رؤية الإمارات في توحيد الجهود الدولية لمعالجة التحديات المستقبلية، ما يظهر قدرتها على جذب العالم إلى أراضيها.

من جهة آخرى، يحتل معرض آرت دبي مكانة مميزة في عالم الأنشطة الثقافية المتنوعة، حيث يجمع هذا الحدث بين الفنانين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، لعرض أعمالهم في بيئة تعكس تطور مشهد الفنون البصرية، بناءً على ذلك، أرجح أن استمرار مثل هذه الفعاليات يساهم في تعزيز دور الإمارات كمنصة للفنون العالمية ومكان يجمع بين الأصالة والابتكار.

التنوع الثقافي سر التميز

أميل إلى الاعتقاد بأن التنوع الثقافي في الإمارات ليس مجرد شعار، بل هو أسلوب حياة يُشعر الزائر بأنه مرحب به مهما كانت خلفيته أو هويته، حيث تجد مزيجًا رائعًا من الجنسيات والخلفيات الثقافية التي تعيش في انسجام وتناغم فريد، من المراكز التجارية العالمية إلى الأسواق التقليدية، على سبيل المثال، القرية العالمية في دبي هي نموذج مصغر للعالم، حيث يعرض كل جناح فيها ثقافة بلده بأسلوب ينبض بالحياة، أرى أن هذه الوجهة تعكس روح التسامح والانفتاح التي تميز الإمارات، حيث يشعر الزائر وكأنه يسافر بين قارات العالم دون مغادرة البلاد.

من ناحية أخرى، في الجانب التعليمي أبهرتني فعاليات مثل مهرجان الشارقة القرائي للطفل، حيث يركز هذا الحدث على تنمية مهارات الأطفال، وتعزيز حب القراءة لديهم، من خلال أنشطة وورش عمل تجمع بين التعليم والترفيه، وفقًا لتقرير صحيفة “اليوم السابع” جذب المهرجان في دوراته الأخيرة حوالي (157) ألف زائر ما يعكس شعبيته الكبيرة، من وجهة نظري، يلعب هذا النموذج دورًا أساسيًا في ترسيخ القيم الثقافية لدى الأجيال الناشئة، مع فتح آفاق واسعة لهم للتعرف على ثقافات العالم، ما يجعلني أميل إلى تقدير هذا النهج في بناء أجيال مثقفة وواعية.

هذا الاهتمام بالثقافة يُترجم إلى إحصائيات لافتة، حيث تشير الدراسات إلى ازدياد ملحوظ في أعداد الزوار لدولة الإمارات خلال السنوات الاخيرة، وفقًا “لدائرة الاقتصاد والسياحة في دبي”، استقبلت الإمارة 17.15 مليون زائر دولي في عام 2023، ما يمثل زيادة بنسبة 19.4% مقارنةً بعام 2022 الذي بلغ فيه عدد الزوار 14.36 مليون زائر، كذلك تجاوز الرقم القياسي السابق لعدد الزوار والبالغ 16.73 مليون زائر في عام 2019.

على صعيد آخر، وفقًا “لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي”، شهدت إمارة أبوظبي أيضًا نموًا كبيرًا في عدد الزوار، حيث استقبلت نحو (24)  مليون زائر في عام 2023، محققة زيادة بنسبة 27% مقارنة بالعام السابق.

لا شك في أن الإمارات وجهة ثقافية عالمية، مع ما تشهده من تطور في قطاع المتاحف، وفعالياتها الثقافية الثرية، وتنوعها الذي يحتفي بجميع الثقافات، أعتقد أن هذه الدولة، برؤيتها الطموحة ومواردها المتنوعة، ستظل تقدم للعالم المزيد من المبادرات الملهمة التي تجعلها في طليعة الأمم الداعمة للتنوع والتعايش.

*طالبة في برنامج “التعليم الدولي”