الرئيسيةرئيسيدراغمة: 58 عاماً من العمل ومازلنا نسعى إلى توعية المرأة بحقوقها

دراغمة: 58 عاماً من العمل ومازلنا نسعى إلى توعية المرأة بحقوقها

أكدت في لقاء مع المحرر” أن جمعية “طوباس الخيرية” شاهدة على مسيرة طويلة من العطاء والنجاحات

*الكثير من النساء المعنفات يخشين الإفصاح بسبب المجتمع لكننا مستمرون في تقديم الدعم خطوة بخطوة

* لدينا برنامج يكفل 67 طفلًا يتيماُ ولا يزال هناك آخرون بحاجة للكفالة

*نركز على  فئة الشباب كمحور أساسي لتعزيز دور المرأة

*جهود لتسويق منتجاتنا خارج المحافظة بسبب قلة الإقبال المحلي

طوباس-المحرر-لبانة صلاح-في قلب محافظة طوباس، ووسط التحديات الاجتماعية والاقتصادية، برزت كنموذج حي لتمكين المرأة، والدفاع عن حقوقها، وتعزيز دورها في المجتمع الفلسطيني. تقود هذه الجمعية النسوية رئيسة مكافحة بكل ما للكلمة من معنى، هي مها دراغمة، التي لم تتوقف عن النضال منذ أكثر من عشرين عاماً، متحدية محاولات السيطرة، ومتمسكة بهوية الجمعية وتاريخها الطويل بكل فخر وإصرار.

تحدثت دراغمة في لقاء مع موقع “المحرر”عن الجمعية وتاريخها الممتد منذ عام 1966، حيث تأسست الجمعية لتقديم خدمات اجتماعية وتعليمية، لكنها أغلقت بعد عام واحد بسبب ظروف الاحتلال، ثم عادت بقوة لتؤسس برامج رياض أطفال وتوعية تهدف إلى تمكين النساء من العمل خارج المنزل من خلال تأمين أطفالهن في الجمعية، مما ساعد الكثير من النساء على كسر الحواجز والخروج للعمل بثقة أكبر.

الاسم جزء من الهوية

رغم رغبة فريق العمل النسائي في تغيير اسم الجمعية لتصبح “جمعية نسوية”، إلا أن القرار كان صعباً. التغيير كان سيفقد الجمعية هويتها التاريخية التي امتدت (58)عاماً، كما كان سيغير تاريخ تأسيسها الرسمي، ولذلك تقرر الإبقاء على الاسم الأصلي، حفاظاً على إرثها ورمزيتها، ولتظل شاهدة على مسيرة طويلة من العطاء والنجاحات.

التركيز على الشباب لتعزيز دور المراة

أوضحت دراغمة أن الجمعية تركز على فئة الشباب كمحور أساسي لتعزيز دور المرأة، مؤكدة أن الخوف من المجتمع ما زال يشكّل عائقاً أمام بعض النساء المعنّفات في التعبير عن معاناتهن أو المطالبة بحقوقهن. لذلك، فإن دور الجمعية لا يقتصر على الدعم المادي، بل يتعداه ليشمل الدعم النفسي والمعنوي، وخلق بيئة آمنة للنساء للتعبير عن أنفسهن بحرية وكرامة.

مشاريع للتمكين الاقتصادي

من خلال إدارتها، استطاعت مهى دراغمة أن تحوّل الجمعية إلى مركز حيوي للتمكين، عبر برامج عديدة مثل تربية النحل، الأعشاب الطبية، تربية الأغنام، الزراعة داخل البيوت البلاستيكية، والتدريب المهني الذي يشمل الخياطة، الأشغال اليدوية، التجميل، وصناعة المجوهرات. هذه المشاريع لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل تمنح النساء أدوات الاستقلال والاعتماد على النفس، كما تُعزز من ثقة المرأة بقدراتها ومكانتها في المجتمع.

كفالة الأيتام

وفي الجانب الإنساني، توفر الجمعية مساعدات عينية وبرنامج كفالة الأيتام، حيث يكفل البرنامج (67) طفلًا، فيما لا يزال هناك أطفال آخرون بحاجة لكفالة. وتشمل أيضاً برامج تثقيف وترفيه، كتعليم النساء العزف على الآلات الموسيقية للمشاركة في المناسبات الوطنية، في محاولة لدمج النساء أكثر في الحياة الثقافية والاجتماعية.

وفي نقلة نوعية، أسست الجمعية برنامجاً اجتماعياً وقانونياً يُعد الأول من نوعه في محافظة طوباس والأغوار الشمالية وجنين، يقدّم توعية وإرشاد قانوني مجاني للنساء، ويمثل الحالات في المحاكم النظامية والشرعية، بهدف الحد من العنف بجميع أشكاله، وتحقيق العدالة للمرأة المعنفة التي غالباً ما تُترك وحدها في مواجهة الواقع القاسي.

تحديات وخسائر

تحدثت دراغمة عن التحديات التي تواجه بعض المشاريع الإنتاجية، مثل توقف مشروع تربية النحل بسبب برودة الشتاء وهجمات الدبابير، ما أدى إلى خسائر كبيرة. كما تم تبني مشروع الأعشاب الطبية من قبل إحدى النساء ليصبح مصدر تمكين اقتصادي لها، بينما وفرت الجمعية بيوتاً بلاستيكية يعمل بها حوالي (40) امرأة في إنتاج الخضروات والمخللات، وتسعى الجمعية الآن لتسويق منتجاتها خارج المحافظة بسبب قلة الإقبال المحلي.

الدفاع عن النساء المعنفات

ومن أبرز النقاط التي شددت عليها دراغمة، هو دور الجمعية في الدفاع عن النساء المعنفات، حيث قد تتوجه إحداهن للجمعية لهدف معين، ومن ثم تُحال إلى الأخصائية النفسية ديانا، التي تجلس معها في غرفة هادئة للاستماع، ومحاولة تقديم المساعدة النفسية. في بعض الأحيان يكون العنف نفسياً لا جسدياً، وقد تُحل المشاكل بالحوار، وفي حالات أخرى يكون الطلاق هو الحل الأنسب، فيُحال الملف إلى القسم القانوني دون إفشاء الخصوصيات، مما يضمن للمرأة احتراماً وخصوصية، ويحفظ كرامتها داخل المجتمع.

أقرت دراغمة بأن الكثير من النساء يخشين الإفصاح بسبب المجتمع، أو الظروف الاقتصادية لعائلاتهن، لكن الجمعية مستمرة في تقديم الدعم، خطوة بخطوة، حتى تنال كل امرأة حقها. وتسعى الجمعية كذلك إلى زيادة وعي النساء بحقوقهن من خلال ورشات دورية وجلسات دعم جماعي تعزز روح الأخوّة والتضامن بين النساء.

رغم كل العقبات والسنين، لا تزال جمعية طوباس الخيرية تعمل بجهد مضاعف لتحقيق رؤيتها الاستراتيجية، والمتمثلة في مجتمع يُمكّن النساء ويمنحهن فرص القيادة والشراكة الفعلية. تقول مهى دراغمة: “لقد وصلنا إلى حالة من الرضى، لكن الطريق ما زال طويلاً، ونحتاج لتكاتف الجهود مع شركائنا لنصل للهدف المنشود”.