الرئيسيةتقاريرحرب الإبادة ترفع كُلفة السكن في غزة..مواطن يختنق بأسعار جنونية

حرب الإبادة ترفع كُلفة السكن في غزة..مواطن يختنق بأسعار جنونية

غزة-المحرر- علاء المسحال- في أحد أزقة مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، تجلس أم إياد (45 عامًا) على كرسي بلاستيكي متهالك أمام بيت صغير مستأجر، لا تتجاوز مساحته 50 مترًا، يأويها مع زوجها وأطفالها الستة. لم يكن هذا البيت يومًا منزلهم، بل ملجأ اضطروا للعيش فيه بعد أن دمرت الحرب الأخيرة بيتهم بالكامل.

“كنا نعيش في شقة محترمة من ثلاث غرف، والآن ننام فوق بعضنا البعض… الإيجار 900 شيقل شهريًا، وزوجي عاطل عن العمل منذ شهور”، تقول أم إياد وهي تحاول حبس دموعها.

مبان مهدمة..وأسعار ترتفع

تشير بيانات صادرة عن “وزارة الأشغال العامة والإسكان” في غزة إلى أن العدوان تسبب بتدمير أكثر من 89,000 وحدة سكنية بين كلي وجزئي. كما تُظهر تقديرات “مركز الإحصاء الفلسطيني” أن نحو 12,000 أسرة باتت بلا مأوى دائم، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في الطلب على المساكن المستأجرة.

وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية “يونوسات”، فإنّه حتى الأول من كانون الأول الماضي، تضرّر أو دمّر ما يقرب من 69 بالمئة من مباني قطاع غزة، أي ما مجموعه 170,812 مبنى.

وأحصى الباحثان الأميركيان كوري شير وجامون فان دين هوك، استنادا أيضا إلى تحليلات الأقمار الصناعية ولكن باستخدام منهجية مختلفة، 172,015 مبنى متضررا جزئيا أو كليا في القطاع حتى 11 كانون الثاني الماضي أي ما يعادل، وفق حساباتهما، 59,8 بالمئة من مباني القطاع الفلسطيني.وبحسب تحليلات الأقمار الصناعية التي أجراها الباحثان الأميركيان، فإنّه في مدينة غزة الواقعة شمالي القطاع، والتي كان عدد سكانها 600 ألف نسمة قبل الحرب، تعرّض ما يقرب من ثلاثة أرباع المباني أو 74.2 بالمئة للقصف.

وتظل هذه الأرقام غير دقيقة مع استئناف الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة والذي بدوره يمعن قتلاً وتدميراً.

نتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى 45% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، وفقاً لمسح أجرته بلدية غزة، خصوصًا في الأحياء التي لجأت إليها العائلات النازحة.

صاحب عقار: نحن أيضًا نعاني

في المقابل، يرى بعض أصحاب العقارات أن الأمور خرجت عن سيطرتهم. يقول “مروان الكحلوت” (51 عامًا)، مؤجر يملك ثلاث شقق سكنية في تل الهوا:لا أرفع الإيجار حبًا في المال، لكن تكلفة صيانة الشقق تضاعفت، والمياه والكهرباء مقطوعة لساعات طويلة، والناس تهرب من الدفع”.

ويضيف: “البعض يتخيل أن كل صاحب عقار غني، لكن الواقع أن كثيرًا منا يعتمد على هذا الإيجار كدخل وحيد لإعالة أسرته”.

حال أم إياد ليس استثناءً. في مناطق عدة تحديدا في شمال غزة، وخاصة في بيت لاهيا وبيت حانون، تواجه مئات العائلات النازحة أزمة سكن خانقة، مع ارتفاع جنوني في أسعار الإيجارات بعد الدمار الذي خلّفته الحرب. ويضطر كثيرون للعيش في مساكن غير صالحة للسكن، أو خيام مهترئة أو حتى في بيوت أقارب مكتظة.

محمد علي (32 عامًا)، موظف بسيط وأب لطفلين، اضطر للانتقال من بيت عائلته إلى شقة صغيرة في حي الرمال، يقول: “المالك يطلب 1500 شيقل شهريًا، ولما قلت له مش قادر، هدد بطردنا. الأسعار نار، والناس بتستغل بعضها للأسف”.

ارتفاع غير مبرر

يرى الخبير الاقتصادي خالد مهدي، أن الأزمة تتفاقم بسبب قلة المعروض من الوحدات السكنية، في ظل توقف مشاريع الإعمار، واستغلال بعض أصحاب العقارات للوضع.

ويقول مهدي: “هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب. كثير من البيوت دُمرت كليًا، والناس تبحث عن سكن بأي ثمن. للأسف، لا يوجد رقابة على الأسعار”.

من المسؤول؟

بدورها، تقول المهندسة ندى الحسنات، من وزارة الأشغال العامة والإسكان: “نحن نعلم بحجم الأزمة، لكن عملية إعادة الإعمار تمر بتعقيدات سياسية وقيود في إدخال المواد. هناك خطط لبناء وحدات سكنية مؤقتة، لكنها لا تكفي”.

أمل مؤجل

في ظل هذا الواقع القاسي، لا تزال آلاف العائلات تنتظر بيتًا يؤويها، أو سقفًا يحميها من برد الشتاء وحر الصيف. وبين أمل العودة إلى منزلهم المدمّر، أو الحصول على سكن بديل، تبقى الحياة اليومية في غزة معلقة بين الرماد والأمل.