الرئيسيةلقاءاتمن الزنزانة إلى الخشبة.. نضال الخطيب ورسالة الفن المقاوم

من الزنزانة إلى الخشبة.. نضال الخطيب ورسالة الفن المقاوم

نابلس-المحرر-غالية نبيل-في قلب فلسطين النابض بالحياة والإبداع، يقف نضال الخطيب شامخًا كشجرة زيتون معمرة، جذوره عميقة في أرض الفن والمسرح. رحلته بدأت شرارتها الأولى خلف قضبان المعتقل عام 1982، لتتأجج شغفًا محترفًا عام 1985 بمسرحية “تغريب العبيد” مع مسرح الحكواتي. مسيرته الفنية استمرت حتى عام 1995، ليقرر بعدها أن يغرس بذرة حلمه الخاص، مسرح الطنطورة، الذي أضاء سماء فلسطين الثقافية بعروضه المتنوعة.

اسم “الطنطورة” لم يأتِ صدفة؛ فقد أسَرَ قلب نضال منذ أربعين عامًا أو يزيد، حينما قرأ في كتب والده عن النكبة. هذا الاسم الغريب دفعه للبحث والتنقيب، ليكتشف بعد عشرين عامًا فاجعة مروعة، مجزرة الطنطورة، التي تشابه في بشاعتها ما يحدث اليوم في غزة. لم يتوقف اهتمامه عند المأساة، بل امتد ليشمل تاريخ هذه البلدة الساحلية العريقة جنوب حيفا، ليجد فيها كنوزًا من الحكايات التي لا تنتهي. اختار نضال هذا الاسم لمسرحه، ليظل حاضرًا في وجدان الفلسطينيين، رمزًا لفلسطين الكاملة التي يحلمون بها. وبمرور الوقت، لقب بـ “مجنون الطنطورة”، أسيرًا لجمالها وتاريخها حد الجنون.

يعتبر نضال جميع مسرحيات الطنطورة بمثابة أبنائه، وقد شاركه في هذه الرحلة زوجته وأبناؤه. لكن تظل مسرحية “أنصار”، التي تدور أحداثها حول الاعتقال في سجن النقب خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، تحمل مكانة خاصة في قلبه. فبعد خروجه من المعتقل بستة أشهر، قدم عرضًا ارتجاليًا تحول إلى مسرحية لاقت صدى واسعًا في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. ولاحقًا، وبالتعاون مع فريق مسرح ياباني، أعاد تقديمها في الجزائر والمغرب وحصد بها أربع جوائز. يرى نضال أن هذه المسرحية تنهض كلما خمدت، لأن الاحتلال وبطشه واعتقالاته لا تزال حاضرة.

يحمل نضال على عاتقه رسالة سامية من خلال مسرحياته، حتى تلك التي تتناول قضايا البيئة، إذ يحرص دائمًا على تعزيز الهوية الوطنية لدى الشباب والأطفال. يعتبر مسرحه معركة ضد اليأس والنسيان، مؤكدًا أن فقدان الذاكرة هو اعتداء على التاريخ الفلسطيني المليء بالتضحيات. لذا، يقدم عروضًا تجسد التاريخ بطريقة مبسطة، ترفع المعنويات، وتحافظ على صمود الجمهور في وجه التحديات. كما يولي اهتمامًا خاصًا لمسرح الدمى والعرائس، إحياءً لتراث الأجداد وتطويرًا لهذه الأداة الفنية الهامة، وقد نجح على مدى ثلاثين عامًا في خلق جمهور مسرحي واسع، حيث قدم عروضًا لما يقارب مليوني فلسطيني وفلسطينية.