أريحا-المحرر-نانسي كعابنة- المهندس ظافر أبو يعقوب، نحّال منذ التسعينات، تضرره مشروعه القائم على إنتاج العسل ومشتقاته بشكل كبير بسبب الحرب، مشيراً إلى أن دخله تراجع بشكل غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة، رغم مشاركته الدائمة في المعارض لتسويق منتجاته في ساحة البيرة.
ففي في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة والعدوان المتواصل على الضفة الغربية، يواجه أصحاب المشاريع في فلسطين أوضاعًا اقتصادية صعبة، أثّرت على دخلهم وقدرتهم على الاستمرار في عملهم، وسط تراجع حاد في الحركة التجارية وارتفاع كبير في الأسعار.
سهيل جميل مشاقي، صاحبة مشروع “البركة” للمأكولات الشعبية والمخللات، فتشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية دفعتها لإغلاق محلها، الذي كان يشهد إقبالاً واسعًا، وأصبحت تبيع الآن بكميات قليلة وتعتمد فقط على الزبائن الدائمين في البازارات. مشروعها الذي بدأ عام 2017، كان مصدر دخلها الوحيد.
ينوه الخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة إلى أن ما بعد السابع من أكتوبر يمثل نقطة تحوّل خطيرة في مسار الاقتصاد الفلسطيني، موضحًا أن الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى جانب الاجتياحات المتكررة لمناطق الضفة الغربية، أدت إلى شلل شبه كامل في النشاط الاقتصادي، خاصة بعد توقف التكامل الاقتصادي بين الضفة وغزة.
يقول دراغمة إن الحصار الكامل المفروض على غزة أوقف حركة التبادل التجاري، وقطع الطريق أمام تصدير أو استيراد أي بضائع، بما في ذلك المنتجات الزراعية التي كانت غزة تمد بها الضفة، مشيرًا إلى أن الاحتلال هو السبب الرئيسي في تدهور الوضع الاقتصادي، إلى جانب دول أخرى ساهمت في خنق الاقتصاد الفلسطيني من خلال وقف الدعم والمساعدات، بناءً على ضغوط أمريكية أو إسرائيلية.
وحذر دراغمة من انهيار اقتصادي غير مسبوق، حيث أشار إلى انكماش الناتج المحلي بنسبة 23% في الضفة و70% في غزة، مع تضرر شامل في قطاعات الزراعة، والبناء، والسياحة، والإنشاءات. كما شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا بنسبة 44%، في حين تضاعف أسعار الوقود، ما زاد من الضغط على المواطن والقطاع الخاص الذي تضرر بنسبة 88%.
وفي السياق ذاتهيوضح أن 165 ألف موظف لم يتقاضوا رواتبهم كاملة منذ أكثر من خمس سنوات، بينما كانت العمالة داخل الخط الأخضر تمثل مصدر دخل أساسي لحوالي 170 ألف عامل، بمتوسط يومي يتراوح بين 300 و400 شيقل، إلا أن القيود الإسرائيلية قلّصت من قدرتهم على الوصول لأماكن عملهم.
ويضيف أن الحكومة الفلسطينية، التي تُعد الرواتب مصدر الحركة النقدية الوحيد تقريبًا في السوق المحلي، باتت غير قادرة على دفع أكثر من 70% من رواتب الموظفين، بعد أن لجأت للاقتراض من البنوك الفلسطينية، وقد تعجز عن الاستمرار في ذلك خلال الفترة المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
وختم د. دراغمة حديثه بالقول إن الاحتلال يمنع الفلسطينيين من الاستثمار في المناطق المصنفة (ج)، وتحديدًا الأغوار الشمالية ومنطقة البحر الميت، وهما منطقتان غنيّتان بالموارد الطبيعية والمياه، مؤكداً أن استثمار الفلسطينيين في هذه المناطق كان كفيلاً بتعزيز الاقتصاد الوطني بشكل يخفف الاعتماد على المساعدات الخارجية. ويضيف“لو أُتيح لنا الاستثمار في الأغوار، لما احتجنا لأي دعم خارجي”.