غزة –المحرر- نورهان المحلاوي- مع استمرار الحرب في قطاع غزة، تتفاقم مشكلة البيوت الآيلة للسقوط، حيث يضطر آلاف المواطنين للعيش في مبانٍ مهددة بالانهيار، بعدما تضررت بفعل القصف أو الحرائق. يعيش هؤلاء تحت وطأة الخوف المستمر، وسط غياب البدائل السكنية ونقص في أدنى مقومات الحياة.
يوضح المهندس المدني أحمد الدلو أن كثيرًا من المباني أصبحت غير صالحة للسكن بعد تضررها بفعل القصف قائلا””بعض المباني تعرضت للقصف المباشر، وأخرى تأثرت بقصف مجاور أو بحرائق. المواطنون لا يدركون أن الحريق يؤثر بشدة على العناصر الإنشائية، ما قد يؤدي إلى انهيار مفاجئ دون أي مؤشرات مسبقة”.
ويشير إلى أن الصدأ والتآكل الناتج عن الأمطار والحرائق يزيد من خطورة هذه المباني، مشددًا على ضرورة إجراء تقييم هندسي عاجل لها.
يروي الطفل محمد طافش، أحد المتضررين، تفاصيل مريرة عن يومياته بين الأنقاض، قائلاً “كل ما أطلع وكل ما أنزل إلا يقع وبنجرح وبنزل من الدم”.
كما يصف المواطن ياسر مطر واقع الحي المدمر الذي يسكنه قائلا”صرنا نعيش مثل الجاج… كله دُمر، ما ضل شيء، لا كهربا ولا مجاري، والشوارع كلها خراب”.
تُبرز هذه الشهادات معاناة المدنيين في بيئة غير إنسانية، حيث غابت كل مقومات الأمان والكرامة.
يحكي المواطن أحمد البواب عن معيشته في منزل متهالك قائلاً””كل يوم بنصحى خايفين إنه السقف ينهار فوق روسنا. حياتنا صارت كلها خوف وتعب، بس ما في إلنا مكان نروح عليه.”
ورغم هذا الوضع البائس، غير أن كثيراً من المواطنين يفضلون البقاء في هذه البيوت بدلًا من اللجوء إلى خيام تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
البيوت القابلة للسقوط في غزة لم تعد مجرّد مبانٍ مهددة، بل تحولت إلى قنابل موقوتة وسط أحياء مكتظة بالسكان. ومع انعدام البدائل وغياب الدعم الفعلي لإعادة الإعمار، تبقى حياة آلاف المواطنين معلقة على حافة الخطر. ويؤكد الخبراء على ضرورة تسهيل دخول مواد البناء وتوفير مساكن بديلة عاجلة، لإنقاذ أرواح قد تسقط في أي لحظة.
يشار إلى أن نحو 69% من مباني قطاع غزة، أي ما مجموعه 170,812 مبنى دمرت، بحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار اصطناعية (يونوسات)، حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر 2024.
وأحصى الباحثان الأميركيان كوري شير وجامون فان دين هوك، استنادا أيضا إلى تحليلات الأقمار الاصطناعية، ولكن باستخدام منهجية مختلفة، 172,015 مبنى متضررا جزئيا أو كليا في قطاع غزة، حتى 11 كانون الثاني/يناير الجاري أي ما يعادل، وفق حساباتهما، 59,8% من مباني القطاع الفلسطيني.
وبحسب تحليلات الأقمار الاصطناعية التي أجراها الباحثان الأميركيان، فإنّه في مدينة غزة الواقعة شمالي القطاع، والتي كان عدد سكانها 600 ألف نسمة قبل حرب الإبادة الإسرائيلية، تعرّض ما يقرب من ثلاثة أرباع المباني (74.2%) للقصف.
يشار إلى أن هذه الأرقام غير نهائية وهي تعكس الواقع قبل أن يستأنف الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة منذ نحو شهرين.