*قطاع التأمين الفلسطيني يحقق تقدما على صعيد استخدام منتجات تأمينية تعتمد على التكنولوجيا المالية
أجرى الحوار: مريم عبيد وعبدالله دويكات
أعلن الدكتور بشار أبو زعرور مدير عام الإدارةالعامة للتمويل الرقمي والابتكار في هيئة سوق رأس المال أن نسبة الشمول المالي في فلسطين وصلت إلى 51% في نهاية 2022 بعدما كانت النسبة 36.4 % فقط في العام 2018.
وقال ابو زعرور في لقاء صحفي مع “المحرر” إن قطاع التأمين الفلسطيني اليوم أصبح على الخارطة العالمية والإقليمية، مشيراً إلى تحقيق تقدم على صعيد استخدام منتجات تأمينية تعتمد على التكنولوجيا المالية .
ونوه إلى أن قطاع الأوراق المالية سيقدم قريباً خدمات تسمى التوفير المتناهي الصغر، والاستثمار المتناهي الصغر، وكل هذه الأمور تسهم في تعزيز الشمول المالي في فلسطين.
استراتيجية بثلاثة ركائز
تحدث الدكتور بشار عن استراتيجية الهيئة للأعوام 2021-2025 التي ترتكز على ثلاثة ركائز رئيسية، المرتكزالأول: هو تعزيز استخدام التكنولوجيا المالية في القطاعات التي تشرف عليها الهيئة وفي حين المرتكز الثاني: يتمثل في تطوير صناعة التمويل الإسلامي في فلسطين والمرتكز الثالث: تعزيز إستدامة القطاعات التي تشرف عليها الهيئة وزيادة توسع الأفق لها وتعزيز الشمول المالي .
وقال الدكتور بشار منذ لحظة إقرار الإستراتيجية العامة لهيئة سوق رأس المال عملت الهيئة على تهيئة البنية التحتية اللازمة لاستخدام التكنولوجيا المالية .وفي هذا السياق بدايةً تم إطلاق “منصة ابتكر” وهي أول منصة رقابية من نوعها في المنطقة العربية التي تخدم القطاع المالي الغير مصرفي حيث تعمل هذه المنصة على تقديم التوجيه والإرشاد الرقابي للمبتكرين إضافة إلى التعريف بسياسة الهيئة في تشجيع الإبتكارات ومن جهة أخرى عملت الهيئة على إجراء تعديل داخلي على الهيكيلة وإنشاء إدارة عامة للخدمات التمويل الرقمي والابتكار وعلى مستوى الإطار التنظيمي والقانوني تم العمل على إصدار وتطوير تعليمات ترخيص منصات إلكترونية لبيع منتوجات مالية وخدمات مالية غير مصرفية إضافة إلى تقديم خدمة مستحدثة وجديدة هي خدمة تجميع ومقارنة المنتوجات المالية الغير مصرفية مثل “التأمين”.
وأكد أن هذه المسابقة جاءت كنتيجة أو كأحد مخرجات منصة “ابتكر” حيث تم إطلاق هذه المنصة في شهر 3من العام 2021 ،حيث تم استقبال مجموعة من الأفكار الريادية ولكن لم نجد أن هذه الأفكار جاهزة من مرحلة الدخول إلى السوق فعلياً، فبدأ التفكير بضرورة فتح الباب لورود أفكار إقليمية ودولية، من هنا نشأت فكرة هذه المسابقة، وهي عبارة عن مسابقة إقليمية ودولية تهدف الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا التأمين ومن ضمن أهدافها بشكل أساسي :
هو استهداف فلسطينيي مهجر لأن لدينا الكثير من الكفاءات الفلسطينية في الخارج والتي تعمل في مجال تكنولوجيا التأمين لهذا السبب بدايةً تم تصميم مسارين لهذه المسابقة،
المسار الأول : يستهدف شركات تكنولوجيا تأمين قائمة وتعمل في الدول المحيطة سواء في megaregion او في الدول الأوروبية ودول اسيا و شرق اسيا .
المسار الثاني : يستهدف هو ما يسمى” ear start up “او الأفكار في مرحلة البدايات وتم تحديد مشاكل عامة أو ما ترغب فيه الهيئة للحصول على حلول لمشاكل محددة مثل موضوع التوسع الأفقي للمنتوجات وموضوع تعزيز تجربة المستهلكين وتم إطلاق المسابقة من خلال التعاقد مع مؤسسة وشركة إقليمية مختصة في هذا الجانب وتم التعاون مع شركاء مثل الإتحاد الفلسطيني للتأمين والوكالة الألمانية للتعاون الدولي تم إطلاق المسابقة تقريبا قبل 6 شهور ونحن الآن في المراحل النهائية من هذه المسابقة وبكل وضوح كانت النتائج مبهرة أكثر مما توقعنا، فعلى سبيل المثال على مستوى مسار شركات التكنولوجيا التأمين القائمة تم استلام طلبات من حوالي 16شركةمن دول مختلفة حول العالم مثل بريطانيا،الهند،باكستان،الإمارات،الـأردن،فلسطين،تونس،السويد، وعلى مستوى المسار “الهاكثون” تم استقبال أفكار من 40 متقدماً، وهذه أعداد لم نكن نتوقعها .
ومن الـأهداف الأخرى من هذه المسابقة هو إبراز الفرص المتاحة في قطاع التأمين في فلسطين وأعتقد أننا نجحنا في ذلك فأصبح الأن قطاع التأمين الفلسطيني على الخارطة الدولية والإقليمية، وما يميز هذه المسابقة أنها الأولى من نوعها في المنطقة العربية وفي الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي تستهدف قطاع التأمين لأنه كان هناك تجارب من دول تحديدا الدول الخليجية ولكن كانت تستهدف القطاع المصرفي، وقطاع خدمات الدفع الالكتروني فمسابقة تكنولوجيا التأمين هي الأولى من نوعها كما ذكرنا وتستهدف قطاع التأمين في دول منطقة ال megaregion.
وأضاف أنه مع استخدام التكنولوجيا المالية وتكنولوجيا التأمين أصبح العديد من الفواصل التقليدية ما بين القطاعات تزول ،فعلى سبيل المثال اليوم أصبحنا نلاحظ اندماج في الحلول والتطبيقات المبتكرة ما بين قطاع التأمين وقطاع التمويل “، فعلى سبيل المثال المواطن كريم تقدم لشراء بوليصة تأمين في نفس التطبيق من خلال الموبايل يستطيع التواصل مباشرة مع شركة التمويل متناهي الصغر وبالتالي يمول أو يقترض ثمن البوليصة ويقسط ثمنها ونلاحظ اليوم التشابك والاندماج ما بين خدمات الدفع الالكتروني وخدمات التامين .
وفيما يخص قطاع التأمين وتحديدا قطاع التأمين الفلسطيني أبرز ما ما يميز استخدام تكنولوجيا التأمين في هذا القطاع استحداث منتجات تأمينية لم تكن موجودة مسبقا وذلك نتيجة استخدام التكنولوجيا،مثل منتوجات تامين زراعي تستند الى مؤشر الى ما يسمى parametric enshrines Entex” “،إضافة الى ذلك هناك حلول تكنولوجيا تأمينية تستخدمها شركات التأمين تسهم في تقليل تكاليف المنتجات التي تقدمها وذلك من خلال رفع كفاءة العمليات لهذه الشركات، ومثال اخر على موضوع دمج التكنولوجيا في قطاع التأمين استحداث قنوات توزيع تستند الى التكنولوجيا لم تكن موجودة سابقا وهي ما ذكرناه على ان الهيئة عملت على تنظيم هذا الامر من خلال اصدار التعليمات وترخيص منصات الكترونية فاصبحت اليوم انت كمواطن من خلال الهاتف الذكي الذي بين يديك تستطيع ان تقارن بين المنتجات التامينية المتاحة وتختار ما هو مناسب لك ومن ثم تقوم بشراء بوليصة من خلال التطبيق ودفع ثمنها أيضا الكترونياً وفي القريب سنشهد استكمال حلقة العمليات في التامين فمثلا عند وقوع الخطر المؤمن ضده يستطيع المواطن بمطالبة التعويض أيضا من خلال التطبيقات ،ومن هنا نلاحظ التكامل المستمر لهذه العملية،في القريب العاجل سنشهد على نماذج اعمال مختلفة سنشهد استخدام تقنيات وأدوات وهذا كله يعود بالنفع على المواطن، لان استخدام التكنولوجيا المالية هو ليس لهدف بحد ذاته ،لكن هو وسيلة لتعزيز الشمول المالي، وهذا ما تسعى الهيئة لتحقيقه من خلال تقليل تكاليف العمليات والمنتجات ،استحداث منتوجات تلبي احتياجات قطاعات لم تكن مخدومة مسبقا مثل القطاع الزراعي، قطاع المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وأود الإشارة إلى أن جهود الهيئة لاتقتصر فقط على قطاع التأمين، على الرغم من أهميته وإنما أيضاً في القطاعات الأخرى مثل التأجير التمويلي،وقطاع الأوراق المالية،وبالمناسبة قطاع الأوراق المالية سيقدم قريبا خدمات تسمى التوفير المتناهي الصغر ،والاستثمار المتناهي الصغر، وكل هذه الأمور تسهم في تعزيز الشمول المالي في فلسطين.
التكنولوجيا المالية تعزز الشمول المالي
وعبر أن التكنولوجيا المالية ومن ضمنها تكنولوجيا التأمين وجدت لتعزيز الشمول المالي ،وأصبح اليوم ما يسمى الشمول المالي الرقمي، فوجدت التكنولوجيا المالية وتحديدا بعد جائحة كورونا ،أنها اقصر الطرق لتعزيز الشمول المالي ، وبالتالي التكنولوجيا المالية هي وسيلة لتعزيز الشمول المالي .
كيف يتم ذلك؟ كما ذكرنا في الأمثلة في قطاع التأمين من خلال تقليل تكاليف الخدمات والمنتجات وتسهيل وصول المواطنين، وفيما يخص الشمول المالي وكما هو معروف فأن هيئة سوق رأس المال وسلطة النقد تعمل بقيادة مشتركة على جهود تطبيق الاستراتيجية وطنية للشمول المالي، وفي عام 2022 تقوم الهيئة بأعادة تقييم الشمول المالي في فلسطين حيث أن التقييم الأول كان في العام ،2016 من خلال مسح ميداني شامل لكل الوطن،لقد قامت الهيئة بإعادة هذا المسح في عام 2022 وحصلت على النتائج الكاملة ونحن الان كنتائج أولية في مجال المراجعة ،ولكن يمكننا الإشارة إلى أبرز هذه النتائج ،أنه وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي صاحبت تطبيق الاستراتيجية في الأربع سنوات الماضية مثل أزمة المقاسة الأولى ،وأزمة المقاسة الثانية ،وجائحة كورونا، إلا أن هناك تقدماً ملحوظاً على الأرض، فمثلاً عندما بدأت الهيئة في العام 2018 كانت نسبة الشمول المالي في فلسطين 36.4 ،في عام 2022 وصلنا الى 50.9 او 51% تقريبا من المواطنين الفلسطينين يستطيعون الوصول للخدمات المالية او مشمولين ماليا ،وهذه نتائج أولية ،وقريبا سيتم اعتماد هذه النتائج ونشرها على العموم وهناك تقدم على مستوى الثقافة المالية لدى المواطنين وهذا عنصر مهم جداً ، لأنه كما نعلم لغرض تعزيز الوعي المالي ستدخل فيها أمور مختلفة وتحتاج إلى وقت طويل، فمثلاً كانت الهيئةفي عام 2018 تقريبا 59% من البالغين في فلسطين توصف ثقافتهم المالية من ضعيف إلى ضعيف جداً ،وفي عام 2022 وصلنا اإلى نسبة 47% فقط من المواطنين هي مستوى الثقافة المالية لديهم ضعيف اإلى ضعيف جداً، فهناك تقدم بنسبة 12 نقطة في تعزيز الوعي المالي على مستوى آخر ،هناك ازدياد في الثقة لدى المواطنين في مقدمي الخدمات المالية وجهات رقابية، وقد تكون هذه النتائج غير متوقعة في ظل المعطيات التي حصلت خلال جائحة كورونا ، نتائج المسح الميداني نفذ من قبل الجهاز المركزي للإحصاء ومعهد ماس وسلطة النقد ،بمعنى هو نفذ بمهنية عالية ومن جهات مرموقة ومختصة بهذا المجال وحجم العينة كان أكبر بكثير من ما نفذ في العام 2016 ،فنتحدث الآن عن 8,400 مواطن فلسطيني تم استطلاع آرائهم وهذه تعتبر من أكبر العينات لأغراض الشمول المالي في المنطقة العربية، فبالتالي هذا يعزز موثوقية النتائج التي حصلنا عليها ودقتها.
واقع اقتصادي صعب
وفي النهاية قال عن الواقع الأقتصادي الجديد في فلسطين ،نحن في فلسطين نعيش واقعاً فريداً من نوعه، وقد يكون غير متواجد في أي دولة أخرى والسبب الرئيسي هو تداعيات سياسية الاحتلال وهذا يجب ألا يتم غفلانه لاأه هو المعيق الأول لأي جهود تنمية، فعلى سبيل المثال دائما نتحدث مع المبتكرين في التكنولوجيا المالية الذين يتقدمون إلى الهيئة ،ونقول لهم في حال نجح ابتكارك في فلسطين فهو فعلياً جواز سفر للدخول الى أي دولة في العالم أو في المنطقة ،لأنه من الصعب أن تواجه تحديات مثل التحديات الواقعة في فلسطين، وعلى مستوى الواقع الاقتصادي يجب ألاا نغفل أن الوضع الاقتصادي في فلسطين وضع صعب ، ولكن نحن كفلسطينين تعودنا على هذه الأزمات وتأقلمنا بدرجة كبيرة، ومن ضمن نتائج الشمول المالي أن العائق الأساسي أمام تقدم الشمول المالي هو الوضع الاقتصادي العام، بمعنى آخر لدينا مستويات فقر مرتفعة، لدينا نسب بطالة عالية جدا ، وهذا يزيد ما يسمى بالاقصاء الطوعي في الشمول المالي ، بمعنى أنا كمواطن ليس لدي أي دخل، وليس لدي فائض من أي دخل ، فلو عرضت علي أي منتج مالي سواء كرتات ،فيزا كارت او منتوجات تأمينية، فبالتالي لا أستفيد من هذه الخدمات ،فالعامل الاقتصادي مهم جداً.
هل نقف هنا؟ طبعا لا، لكن طريقة تدخلنا كهيئات رقابية يجب أن تختلف،يجب التركيز على منتجات مالية مستحدثة تلبي احتياجات فئات المجتمع ، يجب التركيز على ما يسمى “التمويل المتضمن”.