رام الله-المحرر-شيرين عوض- مازال العدوان الاسرائيلي الذي تشنه على قطاع غزة والضفة الغربية يلقي صورة قاتمة على الاقتصاد الفلسطيني الذي شهد تدهوراً كبيراً على صعيد معدلات النمو ، فما سجلت نسب البطالة والفقر مستويات قياسية.
ووسط حالة سياسية ضبابية، تلقت معظم القطاعات الاقتصادية ضربات موجعة لا يعرف أحد مدى الفترة الزمنية التي ستحتاجها للتعافي منها في حالة انتهاء الحرب.
يقول محمد حميدات، صاحب متجر للملابس في مدينة رام الله إن الحرب تسببت بتراجع مبيعاته بشكل كبير، منوهاً إلى أنه رغم أن الحركة التجارية تشهداً نشاطاً كبيراً عادة خلال الأعياد، غير أن أجواء الحرب تلقي بظلالها رغم وجود بعض المبيعات.
يشير موسى الطالب سائق التاكسي، إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي أثر على قطاع النقل كذلك، مشيرًا إلى أن الحواجز التي يفرضها الاحتلال جعلت الحركة بين المدن الفلسطينية صعبة، وكذلك زادت تكاليف المواصلات ما كبد السائق والمواطن خسائر إضافية على حد سواء في ظل ظروف اقتصادية سيئة.
بدوره يؤكد براء صباغ، صاحب “سوبر ماركت” أن الحرب تسببت بتراجع المبيعات حتى على مستوى المواد الغذائية، منوهاً إلى أن عزوف المواطنين عن شراء المنتجات الإسرائيلية دفع إلى الاعتماد على المنتجات المحلية والمستوردة من الخارج.
يقول المواطن فايز الدباس إن الحرب أثرت بشكل كبير على قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل جديدة، بل أن نسبة البطالة ارتفعت في ظل منع الاحتلال المواطنين من التوجه إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر.
يوضح الخبير الاقتصادي د. ثابت أبو الروس أن الحرب الحالية ألقت بآثار سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، وخاصة أنه كان يعاني من ظروف صعبة قبل اندلاعها، مشيراً إلى أن احتجاز الاحتلال لأموال المقاصة الفلسطينية، بالإضافة إلى حرمان قرابة 200 ألف عامل من التوجه إلى أعمالهم مداخل الخط الأخضر تسبب بتباطؤ الدورة الاقتصادية ودخولها في حالة ركود كبير.
وأضاف د.أبو الروس”كما أثرت الحرب على صعيد تضخم أسعار المنتجات، وبالتالي ارتفاع كلفة المعيشة على المواطنين”، لافتاً إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة تسبب بانكماش حاد للناتج المحلي الإجمالي.
ونوه إلى أن معظم القطاعات الاقتصادية تأثرت، فمثلاً شهد قطاع العقارات تراجعاً كبيراً في ظل عزوف القطاع البنكي عن منح تسهيلات لصالح شراء عقارات خلال الحرب، كما تضرر القطاع السياحي بشكل كبير في ظل تقطيع الاحتلال للأراضي الفلسطينية ومنع المواطنين من التنقل بحرية، وكذلك بسبب منع الاحتلال السياح من دخول مدينة بيت لحم التي تستحوذ على نسبة عالية من النشاط السياحي.
وأكد أن القطاع الزراعي تلقى ضربة موجعة كذلك بسبب منع المزارعين من التوجه إلى أراضيهم، منوها ً إلى أن قطاع الصناعة لحقه ضرر كذلك بسبب عدم تمكن المصانع من الحصول على مدخلات الإنتاج بسهولة في ظل تعقيد الاحتلال لإجراءاته.
وأشار أبو الروس إن كافة مؤشرات الاقتصاد الكلي تراجعت بشكل كبير في الضفة الغربية أما في قطاع غزة الذي يشكل جزءاً أساسياً من الناتج المحلي الإجمالي وصلت حالة التراجع إلى نحو82% وهي حالة نادرة وغير مسبوقة.
ولفت د. أبو الروس إلى أن حرمان قرابة 200 ألف عامل من التوجه إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر رفع نسبة البطالة إلى نحو 42%، بينما وصلت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى نحو 90%، مشيراً إلى أن الحرب تسببت بنقل عشرات آلاف العائلات إلى دائرة الفقر والفقر المدقع. وتوقع أبو الروس أن تستمر تداعيات الحرب على الاقتصاد الفلسطيني إلى وقت طويل.
وأشارت التقديرات الأولية الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين خلال الربع الرابع من عام 2023 بنسبة 29% بالمقارنة مع الربع المناظر، فقد سجلت جميع الأنشطة الاقتصادية تراجعاً حاداً بالقيمة المضافة، حيث سجل نشاط التعدين، الصناعة التحويلية والمياه والكهرباء تراجعاً بنسبة 33% في فلسطين بواقع (27% للضفة الغربية، 92% لقطاع غزة)، ونشاط الإنشاءات بنسبة38 % بواقع (27% للضفة الغربية، 96% لقطاع غزة)، نشاط الزراعة والحراجة وصيد الأسماك بنسبة 39% بواقع (13% للضفة الغربية، 93% لقطاع غزة)، نشاط تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات والدراجات النارية بنسبة 27% بواقع (18% للضفة الغربية، 91% لقطاع غزة). حيث بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من العام 2023 في الضفة الغربية 2,711 مليون دولار أمريكي، وفي قطاع غزة 129 مليون دولار أمريكي.
وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين بالأسعار الثابتة 544 دولار أمريكي خلال الربع الرابع من العام 2023 مسجلاً انخفاضاً بنسبة 31% بالمقارنة مع الربع المناظر، حيث تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية بنسبة 21% مقارنة مع الربع المناظر، أما في قطاع غزة فقد انخفض بنسبة 82% مقارنة مع الربع المناظر.