نابلس-المحرر-براءة حويطي ودانية أبو وردة–المخيمات دليل حي على النكبة الفلسطينية، لا يزول ولا تمحى آثاره، فزقاق المخيم تضُم حكايا لاجئين يعيشون على أمل العودة، هذه الأزقة لا تتسع لعبور شخصين معاً، لكنها تتسع لأحلامهم، يؤكد على ذلك الكثير من العبارات التي يخطها شبان المخيم على جدران الأزقة، جميعها تعبر عن الصمود والتمسك بحق العودة للبلاد.
محطة العودة أصبحت قبراً
شهقتها الموجعة، وعيناها الدامعة، جعلتني أرى كم جدتي أحبت يافا، أخبرتني أنها كانت طفلة بعمري، حيث كانت تلعب في ساحة منزلهم تحت أشجار البرتقال، بعد يوم طويل من اللعب والفرح، نامت جدتي وفي الصباح التالي وجدت نفسها هنا، ليس صباحاً واحداً بل 74 عاماً، قالت لي: ” هٌجرنا، خرجنا من بلادنا قصراً، أُبيد الكثير من الناس، قُتل الأطفال والنساء، شعرنا بالخوف والرهبة، طُردنا من منازلنا فوجدنا أنفسنا هنا في هذا المخيم، نُحب يافا، وما زلنا نعيش على أمل العودة..”.
الموتى لا يخرجون بنعش
الـ252 متراً تحولت إلى أزقة. اعتمد أهالي المخيم البناء العمودي لضيق المساحة، ولاستيعاب عدد السكان المتزايد، نتيجة ذلك أصبحت البيوت متقاربة بشكل كبير، حيث لا يوجد للجيران خصوصية بما يحدث في منازلهم، وأصبحت طرق العبور ضيقة جداً، لا تسمح المساحة بعبور أكثر من شخص واحد إلى الشارع، يعاني أيضا سكان المخيم ن كيفية إدخال العفش والأثاث إلى منازلهم، فالكثير منهم يلجؤون إلى أساليب أخرى كهدم فتحة في جدار المنزل حتى يتمكنون من إدخال ثلاجة أو غسالة، والبعض الآخر يضطرون لإزالة حراسة الشبابيك، لإدخال طقم الكنب، لأن أبواب المنازل ليست على الشارع الرئيسي.
تؤكد المواطنة رائدة أن المخيم لم يعد صالحاً للحياة، فلا يوجد خصوصية بين الجار وجاره، وطلاب المدارس والجامعات لا يتمكنون من التركيز في الدراسة بسبب الضجة المستمرة، وأن المخيم لا يتسع للأطفال لإفراغ طاقاتهم، إذا أرادوا أن يلعبوا فيجدون الشارع بوصلتهم الأولى، وهناك قلق كبير من وجودهم في الشارع بسبب السيارات المارة.
وصفت السيدة أن المخيم عبارة عن “علبة سردين “بسبب الكثافة السكانية، وأضافت أن” الموتى لا يخرجون من منازلهم بالنعش بل يستبدلون الحمالة لصغر حجمها، ويحملها شخصان فقط”.