ظاهرة تشهد انتشاراً واسعاً منذ بدء العدوان في ظل ارتفاع نسبة البطالة
رام الله-المحرر-لارا سمارة- أشرف حموز (31) عاماً شاب في مقتبل العمر لجأ وشريكة حياته إلى افتتاح مشروع صغير عبارة عن عربة متنقلة “كشك” ليكون مصدر دخل لهما، ويوفر لهما حياة كريمة وسط ارتفاع نسبة البطالة وقلة توفر فرص العمل.
يقول حموز صاحب مشروع عربة متنقلة في شارع النهضة بحي الطيرة برام الله إن صاحبة فكرة المشروع هي زوجته التي اقترحت عليه افتتاح مشروع متنقل يتعلق بتقديم الوجبات السريعة، مشيراً إلى أنهما تقدما بطلب إلى البلدية في بداية الأمر لكن طلبهما ووجه بالرفض، قبل أن تعاود زوجته تقديم الطلب وسط إصرار على افتتاح المشروع، فنجحت لاحقاً في إقناع البلدية لتخصيص مكان للعربة المتنقلة المقترحة.
ويضيف “استطعنا إثبات مدى جدوى المشروع الذي تحول إلى مصدر رزق لنا، ومكننا من إيفاء متطلبات الحياة”، مشيراً إلى أن الغلاء الذي زاد منذ بدء العدوان على غزة والضفة منذ أحداث 7 تشرين الأول الماضي يؤثر على أعمالهم، لكنه تحمل فارق الأسعار خاصة أنه لا يقدم الكثير من الأصناف.
كثير من الشباب حالهم كحال الحموز، فقد وجدوا في مشاريع العربات المتنقلة فرصة لخلق فرص عمل، فها هي شوارع رام الله تمتلأ بالظاهرة الآخذة في الازدياد بعد أحداث 7 تشرين الأول وتداعياتها الاقتصادية.
ويجد مواطنون في أسعار الخدمات التي تقدمها هذه العربات(الأكشاك) فرصة لتلبية احتياجاتهم بأسعار معقولة رغم التضخم المرتفع.
العربات تقدم خدمات متنوعة بينها ما يبيع الذرة وأخرى العصائر، والمشروبات الساخنة والباردة ، والوجبات السريعة، وهي تلقى إقبالا كبيراً من مختلف الفئات العمرية، وشرائح اجتماعية واسعة كطلبة الجامعات والمدارس والموظفين.
أحمد حمايل (29) عاماً صاحب كشك ((Deli cuts في الطيرة يشير إلى أن ارتفاع الأسعار أثر كذلك على عمل هذه المشاريع، قائلاً” الغلاء يتزايد وحتى الآن لا أستطيع رفع الأسعار على الزبائن”، منوهاً إلى أن لا يمكن له أن يبيع “ساندويشات” بأسعار تصل إلى 35-40 شيقلاً، لأن فكرة العربات المتنقلة هي بيع وجبات بأسعار تكون في متناول معظم الفئات الاجتماعية.
ويلفت إلى أن تراجع الوضع الاقتصادي منذ أحداث 7 تشرين الأول أثر على حجم مبيعات هذه العربات، لذا اضطر إلى تقليل الكميات إلى النصف تقريباً، مشيراً إلى أن تلك “الأكشاك” كانت تعمل سابقاً حتى ساعات الفجر الأولى، ولكن بعد شن الاحتلال عدواناً على غزة والضفة منذ أحداث 7 تشرين الأول أصبحت هذه العربات تعمل حتى الساعة 11 ليلاً فقط.
تعددت أشكال العربات (الأكشاك) من حيث مظهرها وتصميمها الخارجي والداخلي حسب الفئة العمرية التي تمتلكها، والتي تتنوع بين خريجي جامعات أو طلبة أو نساء أو رجال من كبار السن، فكلٌ صاحب مشروع له نظرته التي يستطيع من خلالها جذب عدد كبير من الزبائن من حيث الشكل والمظهر الذي استطاع أن يصممه لعربته.
تقول المهندسة (ملفينا الجمل) المسؤولة عن قسم العربات المتنقلة في بلدية رام الله إن عدد العربات الحاصلة على تراخيص من البلدية غير ثابت ويتغير يومياً وسط افتتاح مشاريع جديدة وانسحاب أخرى.
وتشير إلى أن آخر الأرقام المسجلة أظهرت أن عدد العربات (الأكشاك) في مركز المدينة وصلت إلى 78 عربة، وفي شارع القطان والمسار الرياضي بلغ عدد مركبات بيع الطعام إلى 18 عربة.
وتوضح أن هذه العربات تحصل على تراخيص من البلدية تختلف قيمة رسومها بين حرفة وأخرى، وتتراوح بين 300 إلى 2000 شيقل، مشيرة إلى أن هناك معايير محددة بشأن الفئات التي يمكن لها الحصول على تراخيص منها: فئة الشباب، وطلبة الجامعات، والنساء، وذوي الاحتياجات الخاصة من سكان المدينة.
ونوهت إلى أن سياسة منح تلك التراخيص اختلفت بين مجلس بلدي وآخر، لكن المجلس الحالي يميل إلى عدم زيادة عدد (الاكشاك العربات) عن حدّ معين، منوهة إلى من يرغب في الحصول على ترخيص عليه أن يتوجه إلى مركز خدمات الجمهور في البلدية وتعبئة النموذج الخاص لذلك وإرفاق صورة المركبة، وتحديد ما السلعة المراد بيعها، بالإضافة إلى تفاصيل شخصية مثل العمر ومكان السكن.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي د. ثابت أبو الروس إن انتشار العربات (الأكشاك) ظاهرة قديمة جديدة، وكانت مقتصرة على فئة معينة من بينها كبار السن وذوي الإعاقة، لكنها زادت مؤخراً وشملت فئة الشباب وخاصة طلبة الجامعات وخريجيها الباحثين عن فرصة عمل.
وينوه إلى أن هذه “الأكشاك” توفر خدمات مختلفة سواء تقديم وجبات سريعة أو مشروبات ساخنة بأسعار مناسبة، مشيراً إلى أن هذه المشاريع توفر الحد الأدنى من مقومات العيش للقائمين عليها حتى لا ينضموا لصفوف البطالة، ويطروا لطلب المساعدة.
ويضيف “أغلب أصحاب هذه العربات هم طلبة جامعيون متعففون، ولا يريدون طلب المساعدة من أحد لدفع أقساطهم الجامعية، ويريدون الحصول على مصدر دخل لأسرهم”.
ويلفت إلى أن هناك ارتفاعاً كبيراً في نسبة البطالة التي وصلت إلى نحو 42% في الضفة الغربية بسبب تداعيات أحداث 7 تشرين الأول وما أعقبها من عدوان، إذ بلغت نسبة البطالة نحو عن 42%، الأمر الذي يدفع الشباب إلى البحث عن فرص بديلة، مؤكداً أن العربات المتنقلة تُعد خياراً لعدد من الباحثين عن فرصة عمل، لكنّ مساهمتها في علاج معضلة البطالة تظل محدودة جداً، فلا يمكن لها أن تغير كثيراً في الواقع الاقتصادي الصعب.